المشكلة التى تواجه حقوق الإنسان هي عدم توافر الإرادة السياسية

ماجد سمير
في إطار إحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان و الذي يتزامن هذه السنة مع الذكرى 65 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الذكرى20 لإعلان برنامج فيينا الذين إعتمدهما المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان سنة 1993 افتتح محمد فائق رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان يوم ١٩ ديسمبر المائدة المستديرة الإقليمية حول حقوق الإنسان فى المنطقة العربية بعد عقدين من إعلان فيينا، موضحا أن مشروع الدستور الحالى يلزم الدولة برعاية الفقراء ويمكنهم من المشاركة ، بحسب رؤيته .
وأكد فائق فى كلمته أهمية هذه المناسبة حول مسار حقوق الإنسان بعد عقدين من صدور إعلان وبرنامج عمل فيينا الذى اعتبره الوثيقة الأهم بعد الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وذلك بإعادة اللحمة لحقوق الإنسان بعد الانفصال غير المبرر الذى أفضى إليه الانقسام الدولى، بتكريس التمييز بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ناحية والحقوق المدنية والسياسية من ناحية أخرى.
وأوضح فائق أن ذلك يأتى بإقرار عدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة أو التراتب، وبإعادة الاعتبار لمبدأ عالمية حقوق الإنسان، فضلاً عن إضافته لآلية متميزة من آليات الأمم المتحدة وهى المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ووضع حجر الأساس لأخرى مهمة وهى المحكمة الجنائية الدولية.
ولفت إلى أن هذا يجئ "ليدرك الذين حالفهم الحظ بالمشاركة فى المؤتمر العالمى الثالث لحقوق الإنسان الذى صدرت عنه هذه الوثيقة المهمة، كم كان الصراع حول إصدار هذه الوثيقة عنيفا، وكم كانت الممانعة لصدور هذه الوثيقة ثقيلة ليس فقط من الدول المعادية لحقوق الإنسان، بل وأيضا تلك التى كانت ترفع شعارات حقوق الإنسان عاليا وتعارض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق فى التنمية، بزعم أنها مجرد مطالب وليست حقوقا، وكذلك من جانب هؤلاء الذين يتذرعون بالخصوصية من أجل التخلص من الالتزامات الدولية".
وأعرب فائق عن أن هذه الوثيقة قد حققت المهمة جنبا إلى جنب مع التطور السياسى – الاجتماعى فى منطقتنا، فى ظل العديد من الجوانب الإيجابية ، يأتى فى صدارتها التطور الملموس فى إنخراط البلدان العربية فى المعايير الدولية، فانضمت معظمها إلى معظم الاتفاقيات الدولية التسع المعنية بحقوق الإنسان، كما أنضم معظمها إلى الاتفاقيات الرئيسية الثمان لمنظمة العمل الدولية، وراجعت العديد منها التحفظات التى وضعتها على الاتفاقيات التى انضمت إليها، كما شرعت فى تطوير النظام الإقليمى العربى لحقوق الإنسان، باستبدال الميثاق العربى الصادر عام 1994.
وشدد على أن هذه الإنجازات لا تحجب العديد من الصعوبات والتحديات التى عانت منها بلادنا العربية، سواء فى مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أو الحقوق المدنية والسياسية، حيث ركزت معظم البلدان العربية على النمو دون التنمية وأتبعت سياسات اقتصادية منحازة لرجال الأعمال دون العاملين، وتركت الحبل على الغارب للأسواق تتعثر فى الاحتكارات والمضاربات والفساد فازداد الفقر وتعذر تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل حاد وخاصة فى البلدان العربية الفقيرة والمتوسطة، حسب تأكيده.
وتابع: "بالمثل تكرست الانتهاكات الجسيمة للحقوق المدنية والسياسية بدءا من الحقوق الأساسية وانتهاء بالحريات العامة، وهو ما وصل بالمنطقة إلى حال من الاحتجاجات العنيفة أخذت شكل الثورات والانتفاضات والمطالب، كان حقوق الإنسان سببها الرئيسى وتعزيزها غايتها".
وواصل رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان ، وقال : أنه بالانتهاء من مشروع الدستور الذى طرحه رئيس الجمهورية المؤقت للاستفتاء الشعبى فى منتصف الشهر القادم، نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح وأصبحنا أكثر ثقة فى قدرتنا على استكمال خريطة الطريق، وأن "هذا الدستور رغم ما قد يكون لدينا أو لدى غيرنا من تحفظات على القليل منه إلا إنه فى مجال الحريات وحقوق الإنسان بشمولتها وحق المواطنة للجميع دون استثناء أو إقصاء وإعطاء الحقوق لكل القوى التى همشتها الأنظمة السابقة، فهو دستور لكل المصريين ويلزم الدولة بأن ترعى حقوق الفقراء والمستضعفين وتمكنهم من المشاركة".
واستكمل "أما البلدان العربية التى شهدت إصلاحات سياسية فسوف تدرك فى نهاية الأمر أن تكلفة الإصلاح أقل كثيرا من كلفة القمع فى واقع تغيير موازينه باطراد وتتبدل فيه التحالفات وتتربص فيه الجوارح على رؤوس الأشجار".
فيما شارك فى الافتتاح ممثلين عن جامعة الدول العربية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وعدد من الحقوقيين المدافعين عن حقوق الإنسان، وممثلون عن الجمعيات غير الحكومية، وقد أقيمت المائدة المستديرة على مدار يومين ، وأوصى المشاركون في مائدة الحوار الإقليمية التي نظمها المركز الإعلامي للأمم المتحدة بالقاهرة بالتعاون مع المكتب الإقليمي لمفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، حول حقوق الإنسان في المنطقة العربية بعد عشرين عاما من إعلان فيينا، بضرورة العمل على تعزيز العدالة الانتقالية لضمان وصول الدول التي شهدت تغييرات جذرية في السنوات الأخيرة ألى مرحلة الاستقرار المطلوبة والبعد عن تصفية حسابات الماضي.
كما أوصى المشاركون بالعمل على التصدي لظاهرة التعذيب والنهوض بالثقافة المناهضة للتعذيب، وأيضا ضرورة مكافحة الفساد لما له من صلة وثيقة بالحكم الرشيد والحق في التنمية. وأوصوا أيضا بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وتفعيل دور المؤسسات العربية الوطنية لحقوق الإنسان وزيادة مساهمتها، بالإضافة إلى إبعاد قضايا حقوق الإنسان عن الأجندة السياسية الضيقة كما يغلب على وسائل الإعلام البعد عن الحيادية والموضوعية.
وفيما يتعلق بأهداف للتنمية للالفية وحقوق الإنسان لما بعد عام 2015، أوصى المشاركون في مائدة الحوار الإقليمية بضرورة البعد عن اعتبار المساعدات من أجل التنمية نوع من الصدقة بل اعتبارها مسئولية دولية، وأيضا عدم الفصل بين حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية لأنها كلها متلازمة.
كما دعا المشاركون إلى عدم تقاعس الدول عن ضمان حق مواطنيها في التنمية والعمل على الحد من الفوارق التنموية، بالاضافة إلى تكريس الحق في العمل اللائق ضمن التشريعات الوطنية في البلدان العربية.
وفيما يتصل بثقافة حقوق الإنسان، أوصى المشاركون في مائدة الحوار الإقليمية بضرورة ألا يكون تناول قضايا حقوق الإنسان من البعد السياسي وإنما من البعد الحقوقي، وزيادة عدد الإعلاميين العرب المتمكنين من ثقافة حقوق الإنسان وتشجيع المنظمات الأهلية على نشر ثقافة حقوق الإنسان.
وكان الدكتور بهي الدين حسن المسئول بمعهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان قد اعتبر خلال حديثه امام مائدة الحوار الاقليمية، أن المشكلة الأساسية التى تواجه حقوق الانسان في العالم العربي هي عدم توافر الإرادة السياسية.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 11:17:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية