النساء فى الدستور

فريدة النقاش
تعمل القوى السياسية والنقابية والإجتماعية هذه الأيام على إختيار ممثليها فى لجنة الخمسين لوضع الدستور الجديد.
ورغم المطالبة النسائية سواء من قبل المجلس القومى للمرأة أو الأحزاب والجمعيات والمنظمات العاملة فى حقل النشاط النسوى بأن نتضمن لجنة صياغة الدستور ثلاثين فى المائة على الأقل من النساء، فإن الرئاسة المؤقتة لم تراع هذا المطلب، ومازالت هناك مساحة_ ولو قصيرة_ من الوقت للضعط على الجهات التى لها الحق فى تقديم مرشحين لها لتختار نساء ليمثلنها ممن تتوفر فيهن شروط الكفاءة والمعرفة. ويتطلب هذا الإجراء سرعة الحركة، وإستهداف الجهات التى تتوفر فى بنائها القيادى شخصيات نسائية قادرة على تحمل هذه المسئولية وتمثيل ملايين النساء.
أما الآلية الثانية العاجلة بدورها فتتعلق بمتن الدستور وقد قامت جهات عدة بتقديم مشاريع دساتير إذ رأت إستحالة ترميم أو إصلاح الدستور الاخوانى السلفى. أما إذا كان الإتجاه العام سيبقى سائرا نحو التعديل على الدستور 2012، فإن جهات كثيرة أيضا كانت قد قدمت نقدا شاملا وتفصيليا لهذا الدستور من زاوية حقوق المرأة وأوضاعها ومن ضمن هذه الجهات المجلس القومى للمرأة. وستكون الحركة النسائية والديمقراطية عامة مطالبة بجمع هذه الانتقادات وترتيبها وإعادة تقديمها للجنة الخمسين.
وهنالك مجموعة من القضايا تتعلق بفلسفة الدستور والرؤية العامة والوظيفية له، وتندرج أوضاع النساء وحقوقهن فى صلب هذه القضايا شأن طبيعة الدولة التى تطلعت لبنائها ثورتا 25 يناير و 30 يونية أى الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى تفصل بين الدين والسياسة لا بين الدين والمجتمع ولا بين الدين والحياة، ذلك أن دولة المواطنة هى دولة محايدة إزاء الديانات كافة ولا تنحازلأحدها على حساب الاخر حتى لوكان دين الأغلبية.
وتبرز فى هذا السياق المادة 2 من مشروع الدستور الذى صاغته لجنة الخبراء العشرة وقدمته لرئاسة الجمهورية.
وتنص المادة 2 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، والمواد3، و4 المرتبطة بها والتى أبقت عليها كما هى باستثناء حذف الفقرة التى تقول يؤخذ رأى كبار العلماء بالأزهر الشريف من الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية من المادة 4.
والاصرار على النص فى الدستور على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى ٍللتشريع هو اصرار على تمييز أتباع دين سماوى معين_ حتى لو كان دين الأغلبية_ عن أتباع الديانات الأخرى فضلا عن أنه يعطى مشروعية لأحزاب تقوم على أساس الدين أو المرجعية الدينية وتأسيس دولة دينية أو شبه دينية، وقد جرب المصريون من خلال حكم الرئيس المعزول على مدى عام ماذا يمكن أن يفعل الحزب الدينى فى البلاد.
ويرى أستاذ فلسفة القانون الدكتور محمد نور فرحات "عدم جواز النص فى الدستور كوثيقة قانونية كبرى تحكم الحاضر والمستقبل البعيد على الهوية بما يؤدى لإكساب الدستور طابعا عقائديا دينيا أو دنيويا فالهوية تمارس ولا تفرض بسيف الدستور والقانون.
وتوصل فرحات إلى أن النص على الدين من الدستور يؤدى إلى اقصاء أصحاب العقائد الأخرى من الحماية الدستورية، وثانيا تقييد الحريات العامة بحيث لاتتعارض مع التفسيرات العقائدية لأهل الحكم وثالثا الإخلال بمبدأ المساواة أمام القانون بين أصحاب العقائد المختلفة. ورابعا فتح الباب واسعا أمام الإستبداد وتجنب نقد الحكام ومعارضتهم بإعتباره نقدا ومعارضة للعقيدة التى تتبناها الدستور وتلك هى النتائج العملية التى أسفرت عنها فعلا جميع تطبيقات الدساتير العقائدية".
وتنعكس هذه المادة انعكاسا سلبيا على قضية حقوق النساء ومكانتهن إذ تنص المادة 11 على أن تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة ورعايتها والتوفيق بين واجبات المرأة نحو أسرتها وعملها فى المجتمع، ومساوتها بالرجال فى ميادين الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية، ثم سرعان ما تلغى هذه الحقوق عندما تنص المادة على أن ذلك كله ينبغى أن يتم دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية.
والمعلوم للكافة كيف أن برنامج حزب الحرية والعدالة الذى حكم مصر قد نص على أن الولاية الكبرى لاتجوز للمرأة ولا للمسيحى وذلك طبقا لرؤيته وتفسيره لنص الشريعة الإسلامية بينما هناك رؤى وتفسيرات أخرى مستنيرة ومتقدمة شأن التفسير الذى إعتمده المشروع التونسى عام 1956 حين وضع قانون الأحوال الشخصية الذى ساوى فيه بين المرأة والرجل وحرم تعدد الزوجات.
وقبل ألف وأربعمائة عام قال سيدنا على بت أبى طالب رضى الله عنه لاتجادلنى بالمصحف فإن القرآن حمال أوجه سيدور الصراع إذن فى المجتمع وفى لجنة صياغة الدستور حول امادة الثانية وفى القلب من الصراع تقف حقوق النساء لتبين فى أى الاتجاهين من التاريخ سوف يسير مجتمعنا، اتجاه التقدم والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية بإعتبارها أهداف ثورة 2011 أم إتجاه المحافظة والتمييز الذى ثار ضده المصريون فى موجات متلاحقة وفى كل الحالات لابد أن تشحذ النساء الهمم على أمل أن تأتى نتيجة الصراع فى صالحهن.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 2:47:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية