شريف منصور يكتب: إلى فخامة الرئيس محمد مرسى

شريف منصور
لا يستطيع أى منصف أن ينكر أن المخلوع حسنى مبارك، ونظامه الفاسد، ترك إرثا ثقيلا من الفساد والإفساد تنوء بحمله الجبال طوال ثلاثين عاما على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية وفى كل مناحى الحياة، وكذلك تدهور واضح فى مستوى الخدمات وعصف بالحريات وإهانة كرامة الشعب داخليا وخارجيا، وأنا هنا فى هذا المقال أحاول أن ألقى الضوء على قدر ضئيل من هذه المفاسد ليس هروبا من المسئولية ولكن لنعلم حقيقة الطريق وحجم الكارثة.
على الصعيد السياسى، قام بتجريف الحياة السياسية ولم يسمح بقيام أحزاب حقيقية اللهم إلا أحزابا ورقية ديكورية أنشئت فى دهاليز المخابرات وأقبية أمن الدولة؛ فلم تكن هناك حياة حزبية حقيقية ولا تداول سلطة ولا ديمقراطية ولا أدنى احترام لإرادة الشعب أو اختياره، وكان تزوير إرادة الجماهير عبر تزوير الانتخابات والاستفتاءات هو العنوان الرئيس لحكم المخلوع، ولعل أبرزها انتخابات 2010 التى شهدت تزويرا لم يحدث فى العالم، ولم تكن هناك إلا جماعة الإخوان المسلمين وبعض الشرفاء من أبناء هذا الوطن هم الذين يتصدون لهذا الإقصاء والاستبداد والظلم.
وعلى الصعيد الاقتصادى، بلغ حجم الدين الداخلى بحسب إحصائيات البنك المركزى أكثر من تريليون جنيه مصرى، وبلغ حجم الدين الخارجى 35 مليار دولار، وبلغت نسبة من يعيشون تحت خط الفقر قرابة 45% من المصريين، وارتفعت معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، وكان عجز الموازنة هو الأصل، وبيعت أصول الشعب المصرى ومقدراته والشركات والمصانع التى تتبع القطاع العام إلى المستثمرين الأجانب، فيما سمى "الخصخصة"، وشهدت مصر انتكاسة اقتصادية كبرى داخليا وخارجيا، وكان كل فرد من الشعب المصرى مدينا بحوالى 16 ألف جنيه، حجم البطالة فى بدايات عهد المخلوع كان 3% من قوة العمل بلغت فى نهاية عهده بحسب الإحصائيات المستقلة 30% من قوة العمل، هذا غير الأموال المنهوبة فى عهده التى بلغت بحسب تصريح كاثرين آشتون -الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبى- أكثر من ثلاثة تريليونات دولار، أى ما يعادل ميزانية مصر لأكثر من عشرين عاما، وسيطرت حفنة من رجال الأعمال أصدقاء المخلوع ونجله على مقدرات البلاد والعباد واحتكرت كل شىء من أمثال حسين سالم وأحمد عز وغيرهما، وبيعت الأراضى ونهبت بأبخس الأثمان، ونهبت ثروات مصر من ذهب وغاز وغيرهما بلا ثمن، وما حدث فى منجم السكرى وغاز شمال الإسكندرية وشرق المتوسط اللذين تقدم بشأنهما المهندس حاتم عزام -نائب رئيس حزب الوسط- ببلاغ إلى النائب العام، وفضيحة تصدير الغاز للكيان الصهيونى رغم احتياجنا إليه، وغيرها وغيرها؛ فهذا قليل من كثير.
وفى الناحية الاجتماعية تدهور كل شىء؛ فبحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كانت هناك حالة طلاق كل 6 دقائق و88 ألف حالة طلاق سنويا، غير التردى والتدهور فى منظومة القيم والأخلاق، ومحاولات هدم تماسك الأسرة وترابطها من خلال قوانين المجلس القومى للمرأة التى كانت تترأسه الهانم سوزان مبارك، وكذلك انتشار المخدرات بين الشباب، وحوادث القتل والاغتصاب التى لم يكن يعرفها المجتمع المصرى قبل ذلك.
وعلى صعيد الصحة فحدث ولا حرج؛ فقد كان الشعب المصرى فى عهد المخلوع شعبا مريضا؛ فبحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية وكذلك الإحصاءات الداخلية فإن مصر تحتل المرتبة الأولى عالميا فى أمراض الكبد والسرطان والفشل الكلوى والسكر والقلب وضغط الدم، فهناك من 12 إلى 16 مليون مصرى مصابون بأمراض الكبد، و100 ألف إصابة سنويا بأمراض السرطان، حسب تقرير المشروع القومى لمكافحة السرطان الصادر عام 2008، وتظل قضية المبيدات المسرطنة والقمح الأوكرانى المسرطن الذى دخل بأوامر مباشرة من المخلوع حسنى مبارك رغم رفض الأجهزة الرقابية، وكذلك مواسير مياه الشرب والصرف الصحى غير المطابقة للمواصفات -جرائم لا تسقط بالتقادم، ويستحق المخلوع ورموز نظامه أن يحاكموا عليها بالإعدام فى ميدان التحرير.
وعلى الصعيد الأمنى، فقد تحول الأمن فى عهد المخلوع من أمن المجتمع إلى أمن النظام؛ حيث بلغ تعداد قوات الشرطة حوالى مليون ونصف المليون شخص، ولأول مرة فى تاريخ مصر تتفوق قوات الشرطة على قوات الجيش من حيث العدد.. وكذلك تم تأسيس شبكة من البلطجية تابعة لأمن الدولة المنحل والمباحث الجنائية، قُدر عددها بـ300 ألف بلطجى يتحركون الآن بعلمهم وتحت سمعهم وبصرهم.
وعلى الصعيد الخارجى، تحولت مصر إلى شرطى يدافع عن أمن الكيان الصهيونى الغاصب؛ فحاصرت غزة لمصلحته وانفصلت عن العمق العربى والإفريقى، وجرى تقزيمها بشكل غير مسبوق فى التاريخ، وأسهم المخلوع ونظامه فى انفصال جنوب السودان عن الشمال؛ بل إنه كان يزود متمردى الجنوب بالسلاح ضد الشمال، وقطع كل العلاقات والوشائج مع دول حوض النيل، بل إن مباراة فى كرة القدم قطعت العلاقات بيننا وبين الجزائر الشقيق.
وكان هناك إهمال وتهميش لسيناء وأهلها، وكان التعامل الأمنى معهم فاضحا ومخزيا، وانهارت منظومة التعليم والصحة والإسكان والبحث العلمى والمرافق وغيرها، وكان هناك تراجع غير مسبوق للحريات بجميع أشكالها وأنواعها.
بعد هذا السرد، أتوجه برسالة إلى فخامة الرئيس محمد مرسى -رئيس الجمهورية- حفظه الله، أقول له: سيادة الرئيس أتمنى أن تخرج إلى الشعب بخطاب واضح مكون من ثلاثة أشياء:
أولا- الحالة التى تسلمت عليها البلاد فى الأول من يوليو 2012 فى كل المناحى.
ثانيا- الوضع الحالى والإنجازات التى حققتها خلال عام من حكمك.
ثالثا- الوضع المستقبلى والتخطيط للمستقبل خلال السنوات المقبلة.
وأناشدك سيادة الرئيس أن تصدر قانونا بإنشاء محكمة تحقق العدالة الانتقالية بعيدا عن القضاء العادى، وأن يعرض على مجلس الشورى قانون يُعاد به محاكمة المخلوع ورموز نظامه وأعداء الثورة من أجل استكمال أهداف هذه الثورة المجيدة.
وكذلك إعادة هيكلة الداخلية، وليكن فصل الأمن المركزى عن وزارة الداخلية هو البداية، وردع المتخاذلين من جهاز الشرطة.
وإعادة هيكلة جهاز المخابرات العامة؛ لأننى أعتقد أن ما يحدث فى مصر الآن وراءه رجال عمر سليمان الذين رباهم على عينه قرابة عشرين عاما.
وفقك الله ورعاك سيادة الرئيس لما فيه خير البلاد والعباد.
والله من وراء القصد وهو يهدى السبيل.

الكاتب Unknown on 1:01:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية