الصراع بين من رحل ومن يجب أن يرحل

يسرى مصطفى
منذ فترة قصيرة بعد يناير 2011، وبدأنا نسمع مرارا وتكرارا عن الطرف الثالث، وكل ما نعرفه عنه أنه ليس الطرف الأول ولا الثانى، وأنه الطرف المسئول عن العنف. وقد يشمل هذا مجموعات من أنصار النظام القديم، ولكن الأمر قد يتجاوز ذلك ليشمل مجموعات من مصلحتها أن تحدث أعمال عنف فى أوقات ولحظات معينة. والمشكلة الأخرى أننا أيضا لا نعرف على وجه التحديد من هو الطرف الأول ومن هو الثانى. ربما يكون الطرف الثانى هو جماعة غير متجانسة اتسمت بالنشاط السياسى فى الشارع أو تلك التى أُطلق عليها "القوى الثورية"، أما الطرف الأول فربما تعنى من تولى السلطة أى المجلس العسكرى أو الإخوان. وفى كل الأحول فليس الأمر محددا بما يكفى، فالأمور متشابكة والتسميات ضبابية.
أما الآن وقبل 30 يونيو 2013، فمن المتوقع أن تشهد الساحة مواجهات جديدة، وبالتالى أعمال عنف لا نعرف مداها أو حجمها، فقط نتوقعها. وأعتقد أن العنف، إن حدث، فسوف يكون "اللعب على المكشوف" كما يقال، فثمة إحتمالات وتوقعات بأن يكون العنف سيد الموقف، وبما إن الطرف الثالث هو الطرف الذى تُنسب إليه أعمال العنف، فإن الساحة ستكون هذه المرة أكثر شفافية، وستكون ثمة مساحة أمام كل طرف ليخرج الطرف الثالث فيه.
إن تغير قواعد اللعبة كان سببه الرئيسى فشل سلطة الإخوان والذى بدا ساطعا كالشمس، فكل ما فعلته هذه السلطة أنها عززت نسب الرافضين لها، بل أنها خلقت لدى المواطن العادى نوعا من الحنين إلى ما قبل الثورة، وبالتالى إعطاء درجة من المشروعية لنظام من المفترض أن تكون سقطت مشروعيته فى يناير 2011. ومع احتدام الفشل تتعالى الأصوات المطالبة برحيل نظام الاخوان، وهو ما يصاحبه نوع من الهستيريا السياسية، حيث تتعالى لغة التهديد من قبل جماعات الإسلام السياسى. وهنا سيكون الجزء الرئيسى من الصراع بين من تصورنا أنه رحل ومن من نتصور أنه سيرحل. وبين هذا وذاك ستسقط أقنعة الطرف الثالث ربما لفترة من الزمن.
ومع بقاء هذه الحالة فقد يكون علينا إعادة النظر فى فكرة "الرحيل" ذاتها، فما تقوله الشعارات لا يعكس بالضرورة ما يحدث على مستوى الواقع. فكما لم يرحل النظام القديم، فمن الصعب رحيل نظام الإسلام السياسى. فكلاهما ينتج الآخر ويعطيه شرعية. وربما يكون السؤال الآن ليس من سيرحل أو من رحل؟ ولكن من سيبقى؟ وما هو شكل بقائه؟ فمن المؤكد أن المعركة لن تحسم بسهولة طالما أن الرحيل ليس بالمسالة الهينة. كما أن بقاء الإخوان المسلمين فى السلطة لن يعنى إلا المزيد من الفشل. بالضبط مثلما أن عودة النظام السابق، على الأقل بصورته القديمة، لم يعد أمرا ممكنا.
وهنا تحديدا يبرز مأزق البديل، وطبيعة التحالفات التى يمكن أن يرتكز عليها. ولا أعتقد أن فى مقدور جبهة الإنقاذ، مثلا، أن تشكل قوة حكم بدون إعادة النظر فى مسألتين: الأولى: تماسكها الداخلى، والثانية تحالفتها مع قوى أخرى. وهى قضايا ستطرح ذاتها إن آجلا أو عاجلا، سواء فى ظل وجود الإخوان فى سدة الحكم أو رحليهم.

الكاتب Unknown on 2:06:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية