محمد أبو طور يكتب: مشاهد تؤكد حتمية 30 يونيو

للتذكير فإن 30 يونيو 2013 هو يوم التمرد "الديمقراطي" على الرئيس محمد مرسي الفاقد للشرعية القانونية والسياسية. يوم دعا إليه شباب ناشط آمن بثورته التي أطلقها في يناير 2011، وتيقن أن السبيل الوحيد لتحقيق أهدافها هو التمرد السلمي على أعداء الثورة من الإخوان ومن سلك مسلكهم بسحب الثقة من مندوبهم فى قصر الاتحادية والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وبأسلوب حضاري رائع تمكنوا فى زمن يسير من جمع حوالي عشرة ملايين توقيع -حتى الآن- مؤيد لفكرتهم الديمقراطية السّلْمية.
سألتني شخصية عربية مرموقة يشار إليها بالبنان، وبعد أن فوجئت بموقفي من مرسي وجماعته: "لماذا لا تنتظروا انتهاء مدَّته الرئاسية ثم تستبدلوا آخر به.. أليست هكذا تكون الديمقراطيات؟"، والحقيقة قد يكون هذا السؤال غريبا إن كان من يوجهه لك مصرياً، ورغم غرابته فالإجابة عليه "للمصري" غاية في البساطة، جملة من كلمتين "انظر حولك".
فإذا تلفت بعد عام رئاسي فوجد نفسه في عمل دائم، براتب كاف لشراء لقيمات يقمن صلبه، ويؤهله للعيش في مسكن ملائم، تحتضنه جدرانه، به الحد الأدنى من أثاث لائق اجتماعياً، ويُنار بكهرباء لا تنقطع، وفيه غاز للطهي، وماء نظيف للشرب، وصرف صحي سليم، ثم ينزل للشارع فتصادفه طرق ممهدة، ووقود متوفر لسيارته، وشرطة تحافظ على أمنه وأمان أسرته، ومستشفي مجهز في أي لحظة لعلاجه بأسعار معقولة.
وفي نزاعاته يجد نائب عام يمثله فعلا، وقضاء ناجز مستقل لا يخشى في أحكامه إلا الله، وإعلام حكومي ينشر الحقيقة ينقل رأيه بلا تزييف، وفي تلفت آخر يرى أرض وطنه كريمة عزيزة المنال لا تباع أو تؤجر للأغراب، وحدوده مصانة من تدنيس الأعداء وعبث الأشقاء، كل ذلك تحت مظلة مشروع نهضوي بدأت بشائره تهل لتطوير التعليم والارتقاء بالخدمات الصحية والثقافية والاجتماعية له، ساعتها فقط عليه انتظار السنوات المتبقية وإعطاء الرئيس فرصة كاملة لاستكمال إنجازاته التي لا تعد ولا تحصى!
أما إذا كان السائل لا يعيش في مصر فسيحتاج منك بعضاً من الوقت لكي تصف له المآسي والكوارث والمهالك التي يعيشها أهلك وناسك، والانحدار والدمار والتجريف التاريخي الذي تتعرض له مصر على أيدي مرسى وجماعته.
 لذا اقترح عليك دعوته لرؤية مشهدين فقط ثم اترك الحكم له، ولا تنس أن تأخذ معك استمارات "تمرد" فأنا على ثقة من أنه فور الإطلاع على المشهدين سيقوم بالنزول إلى الشارع مساهمة منه فى جمع التوقيعات لتخليص أشقائه المصريين من نظام فاشل يحكمهم.

المشهد الأول: اختطاف سبعة جنود مصريين في سيناء، فيخرج الرئيس بخطاب نبرته ثلجية ــ ليس كالخطابات النارية بالعروق النافرة عقب أحداث المقطم ومكتب الإرشاد وإضراب مدن القناة ــ يدعو فيه للحفاظ على أرواح المخطوفين والخاطفين!

وتمر أيام عصيبة وتعلن الرئاسة أنه لا تفاوض مع الإرهاب، ثم لا تُعطي الإذن لجهات أمنية وعسكرية لبدء عمليات تحرير الجنود، ويفاجئنا الإرهابيون بتركهم للجنود المخطوفين في إحدى بقاع سيناء المعمورة ليستقلوا سيارة أجرة إلى أقرب نقطة عسكرية، فيعلن الرئيس على الملأ قيامه بتحريرهم ويستقبلهم في شو إعلامي، ويظل يتحدث عن نجاحه في عملية التحرير، ولا نعلم حتى الآن –يقيناً- من خطفهم ومن أطلق سراحهم.
المشهد الثاني: الرئيس عائد من إثيوبيا بعد اجتماعه مع قيادتها، وفور أن تطأ قدماه أرض الوطن يعلن الجانب الإثيوبي عن تحويل مجرى النيل الأزرق كإجراء تمهيدي لاستكمال بناء سد النهضة، في حين أن اللجنة الثلاثية ما زالت تدرس الموقف.
وبنبرة باردة جدا ــ مثل نبرة خطاب خطف الجنود ــ يدعو الرئيس لحوار وطني لاتخاذ موقف موحد ضد القرار، فيذاع الحوار على الهواء مباشرة ــ دون علم الحاضرين ــ بما فيه من تحرشات لفظية بدول إفريقية، وخطط تآمرية للتدخل المصري فى شأنهم الداخلي، أضرت بالأمن القومي وعلاقاتنا الدولية، ثم لا يخرج الحوار بأي قرار أو نتيجة اللهم إلا ثرثرة فوق السد.
بالقراءة المتأنية لهذين المشهدين لن تجد أمامك إلا أمرين يفسران ما حدث لا ثالث لهما، وهما يؤديان لنتيجة واحدة هي أن مرسي لا يستطيع أن يحكم مصر أم الدنيا.
الأمر الأول.. إذا كانت النوايا حسنة، فبالنسبة لخطف الجنود فإن الرئيس لا حول له ولا قوة، لا يعلم من خطفهم ليحاسبه، لذلك لن يستطيع التعهد بعدم تكرار هذا الموقف مستقبلا، وبالتالي أصبح غير قادر على حماية جنوده الذين يتولون حماية الشعب.
أما موضوع السد ــ وبعيداً أيضاً عن نظرية المؤامرة ــ فهو رئيس لا تحترمه ولا تهابه الدول، وستصبح مصر في عهده "ملطشة" لكل من هب ودب، وغير مستبعد احتلال أجزاء من أراضيها في سنوات حكمه الميمون، وإذاعة حواره على الهواء تؤكد يقينا بأنه رئيس "على نياته" لا قبل له بحكم دولة بحجم مصر.
الأمر الثاني.. إذا كانت النوايا سيئة، وسيطرت على عقولنا خيالات التآمر، فإن خطف الجنود تمثيلية تركي وفيلم هندي فاشل لكي يتخلص من الفريق السيسي قائد الجيش البديل الأوحد في قلوب المصريين، وفي إثيوبيا ذهب لبيع موافقة مصر على بناء السد مقابل مليار دولار كما أشيع، إضافة للسماح الإثيوبي باستثمارات إخوانية قطرية هناك.
ويعد ما حدث استكمالا لرغبة مرسى المعلنة في تدويل إقليم قناة السويس، والتخلي عن حلايب وشلاتين، وبيع مصر قطعة تلو الأخرى بالصكوك المرسية، أما إذاعة الحوار فهو للضغط على الجانب الإثيوبي لرفع ثمن الموافقة المعترض عليه إثيوبيا.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 2:33:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية