الصحافة الصحيّة وأهميتها في السودان.

كتبت/آمال عز الدين التمر 
تلعب الصحافة دورًا أساسيًّا في التنوير وتشكيل الوعي لدى الأفراد في المجتمع خاصّة في المجالات التي تختص بها، فتجد الصحف السياسية، الثقافية، الاجتماعية، والرياضية، ولكن هل يوجد ما يعرف بالصحف الصحيّة؟
للإجابة عن هذا السؤال دعنا نستذكر ما حدث في الأيام القليلة الماضية، فقد شهدنا فيها ظهور تحورات جديدة لفيروس كورونا في جنوب إفريقيا وبريطانيا تسببت في إصابة بعض المواطنين في تلك الدولتين، الأمر الذي أدى إلى عزلهما عن العالم وإغلاق المطارات والمجالين الجوي والبحري عنهما كإجراءات احترازية تلاها عمل دراسات أولية أشارت إلى سرعة انتقال الفيروس المتحور بنسبة أكبر من سابقه.
تأتي هذه التحورات تزامنًا مع بدء التطعيمات باللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد والتي تم التوصل إليها بعد مدة طويلة من الدراسات العلمية والتجارب المعملية والسريرية، وما بين القلق والذعر من هذه التحورات وفعالية اللقاحات تجاهها بل وتجاه فيروس كورونا قبل هذه التحورات وبين الشائعات التي ما تزال مكتظة في الأسافير تملؤها بالضجة المضللة عن كل هذه الأحداث، تبرز أهمية الصحافة الصحية لتكشف زيف تلك الشائعات إضافة إلى تمليك المعلومة الطبية الصحيحة للناس. 
وفقًا لشبكة الصحفيين الدوليين، تعرف الصحافة الصحيّة بأنها: (مجموعة الأنشطة الإعلامية التي تتنوع ما بين متابعة وجمع وتحليل ثم تدقيق ونشر، والهادفة لرفع الوعي والتثقيف الصحي عند مختلف القطاعات المجتمعية، وإعلام الجمهور -سواء المتخصص أو العام- بما هو جديد من اختراعات وعلاجات ومخاطر)، وتكمن أهمية هذا النوع المتخصص من الصحافة في كونها تسعى لتبسيط المعلومة الطبية والصحية للعامّة، وتمدهم بطرق الوقاية من الأمراض سواء المعدية منها أم المزمنة، وترشدهم إلى اتباع النظام الغذائي الصحي المناسب لهم ولحاجاتهم واتباع نمط العيش السليم، وتقديم النصائح لعدد من الفئات مثل الحوامل والمرضعات والأطفال ومصابي الأمراض المزمنة مثل مرضى السكري وارتفاع ضغط الدم والربو، هذا فضلًا عن رصد آخر الأخبار والمستجدات في التقدم الطبي والصحي ونشر المقالات العلمية الطبية للمتخصصين والمهتمين بالمجال الطبي ومتابعتهم لكل جديد فيه. 
وهنا في السودان اتخذ التثقيف الصحيّ عدة صور لتوعية أكبر عدد من المواطنين بالمخاطر الصحية وتجنبها، وتقديم المعلومة الطبية السليمة لهم في قالب بسيط وسلس يسهل تقبله من قبل المواطن، فنجد عددًا من البرامج التلفزيونية في مختلف القنوات منها على سبيل المثل لا الحصر برنامج (صحة وعافية) والذي كان يقدمه د. عمر محمود خالد وقد ظلّ لسنوات طوال يعرض على شاشة قناة النيل الأزرق، يستضيف فيه كبار الأطباء والاستشاريين، يستعرض معهم المشاكل الصحية والأمراض التي يعاني منها مختلف فئات المجتمع، ويتناول بالشرح المبسط الأمراض وسبل الوقاية منها. وعلى المستوى الإذاعي توجد الإذاعة الطبية على الموجة 99.3 والتي تقدم برامجًا مختلفة معنية بالتثقيف الصحيّ والاجتماعي، هذا وقد أسهمت هذه البرامج التلفزيونية والإذاعية في رفع الوعي الصحي لدى المواطن البسيط. 
أما على الصعيد الإلكتروني، فقد أنشئت عدة صفحات طبية وصحية في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أطباء وعاملين في الحقل الطبي والصحي وطلاب يدرسون في مختلف المجالات الطبية، وذلك لتبسيط المعلومات الطبية لرواد تلك المواقع ودحر الشائعات التي تنتشر فيها، إضافة لسهولة نقل المعلومة والوصول إليها.
على الرغم من كل هذا وفي ظلّ وضع سيء ومتدهور يعيشه النظام الصحيّ في السودان ومع تفشي فيروس كورونا، نجد أن هنالك حاجة ماسّة لإنشاء محتوى صحفي في السودان معنيّ بنشر الثقافة الصحية لعامة الناس ومناقشة قضايا الصحة العامة، وتوضيح طرق انتشار الأمراض المعدية وأعراضها وسبل الوقاية منها، وكيفية الاعتناء بمصابي الأمراض المزمنة من تنظيم للغذاء وأخذ للدواء وغيرها، مع نشر مقالات طبية مكتوبة بأسلوب مبسط ليفهمها المواطن، أما بالنسبة للمقالات العلمية الطبية فيوجد في السودان عدد من المجلات الطبية والتي تصدر عن المجلس الطبي وكل من جامعات الخرطوم والجزيرة وأمدرمان الإسلامية، حيث تقوم هذه المجلات بنشر آخر المستجدات في الحقل الطبي من مقالات واكتشافات إضافة إلى بعض الأخبار المتعلقة بكليات الطب في تلك الجامعات أو أخبار المجلس الطبي، ونأمل إنشاء مجلات كهذه في بقية الجامعات السودانية. 
قد تواجه الصحافة الصحيّة بعضًا من التحديات قبل قيامها، فهي تحتاج إلى طاقم صحفي مؤهل لتغطية الأخبار الطبية والصحية، يعرف جيّدًا كيفية تبسيط المعلومة الطبية وإيصالها للقارئ بسلاسة، كما تتطلب طاقمًا طبيًّا يجيد الكتابة الصحفيّة والعمل الإعلامي وذلك لكتابة المحتوى الصحفي الطبي بطريقة تجذب انتباه القراء للمخاطر الصحية كي يتجنبوها أو للعادات الصحيّة السليمة لمحاولة اكتسابها وممارستها، كذلك تتطلب تمويلًا كبيرًا لعمليات الطباعة والنشر والتوزيع لتحقق غاياتها في الوصول إلى كل مواطن سوداني ورفع الوعي الصحّي لديه، هذا مع عدم الاعتماد عليها كليًّا وإهمال استشارة الطبيب، فهي وسيلة مساعدة لتعزيز الصحة، وبزيادة وعي المريض يسهل على الطبيب تشخيص المرض باكرًا وإنقاذه قبل تفاقم وضعه الصحي خاصة إن كان يحتاج تدخلًا جراحيًّا، عندها ستظلّ خير تطبيق لمقولة: (الوقاية خير من العلاج).

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 12:40:00 ص. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية