مصر بـ «تنجح» وبريطانيا بـ «تفرح»

بقلم | مايكل فالون وزير الدفاع البريطاني
أنا اليوم فى الإسماعيلية بمناسبة هذا الحدث التاريخي، وهو افتتاح قناة السويس الجديدة، كان الافتتاح الأول للقناة منذ أكثر من 150 عامًا واستغرق العمل 15 عامًا لاستكمال البناء.
ولكن استغرق البناء هذه المرة عامًا واحدًا فقط. إن الخيال والبراعة والابتكار المصري اشتهر بجدارة بخلق معجزات العالم القديمة. واليوم يكشف ورثة هذا التاريخ الثرى عن معجزة حديثة.
لكن القناة الجديدة أكثر من مجرد انتصار هندسي، إنها شريان حيوى للتجارة العالمية. فقد مرت بقناة السويس فى العام الماضي 17000 سفينة تحمل 822 مليون طن من البضائع بما يماثل حوالى 7% من مجموع التجارة المحمولة بحرًا. وعلى الرغم من ذلك تخلق القناة الجديدة 72 كيلو مترًا من الممر والمجاري الجانبية بما سيضاعف تقريبًا عدد السفن التى تستطيع عبور القناة كل يوم. وتتنبأ التوقعات بأن الحجم التجاري للحكومة المصرية سيتضاعف ليرتفع إلى 13.2 بليون دولار فى العام.
ولهذا تمثل القناة شيئا آخر، إنها رمز للطموح المصري. إشارة لإرادتكم لمستقبل أكثر أمنا واستقرارا ونجاحا. وتلك الرؤية ليست فقط مهمة للمصريين، إنا مهمة للمنطقة بأسرها. وبصفة مصر الدولة الأكثر كثافة فى السكان فى العالم العربي، وبصفتها المركز التاريخي والثقافي فى الشرق الأوسط فهى الأكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية. وعندما تنجحون فإنكم ترسلون رسالة من الأمل للمنطقة بأسرها.
إلا أن شبح الفزع العالمي وعلى الأخص طائفة داعش القاتلة تحاول تهديد من يعملون من أجل مستقبل أكثر إشراقًا. والمأساة أن شعبينا كان لديهما خبرة مباشرة مع التطرف الشرير مؤخرا سواء كان السياح البريطانيين بتونس، أو العمال المصريين فى ليبيا، أو القوات المسلحة المصرية التى تحارب داعش فى شمال سيناء. ولذلك فإن بريطانيا مصممة على الوقوف جنبا إلى جنب مع مصر لهزيمة داعش. ونحن نقوم بذلك بثلاثة طرق.
أولا: عبر العلاقات العسكرية. فلقد قمنا بتوفير تدريب لمسئولى الأمن المصريين على أمن الطيران وتدريب على مكافحة أدوات التفجير المرتجلة مما ينقذ الأرواح. إن المملكة المتحدة ومصر عضوان مركزيان فى التحالف الدولى لمكافحة داعش. ففى العراق قامت القوات المسلحة البريطانية بتقديم 70% من قدرة التحالف للاستطلاع التكتيكي. وكان لمجهودات التحالف تأثير كبير. إن داعش فى العراق وفى سوريا بدأت بالفعل فى التقهقر. وسلمت ربع مناطقها فى العراق منذ بدء عمليات التحالف الدولى فى خريف عام 2014.
إلا أن رئيس الوزراء أوضح أننا مصممون على تحقيق أكثر من ذلك. ولا يعنى ذلك فقط استهداف داعش فى العراق وسوريا ، حيث تقع مناطق قياداتهم وسيطرتهم، وفى ليبيا فنحن مستعدون للعمل عن قرب مع الحكومة المصرية لتنسيق مجهوداتنا بخصوص عملية الأمم المتحدة للسلام فى ليبيا. وتعاوننا الأمنى مع مصر وشركائنا فى المنطقة فى صعود مستمر بحيث نستطيع أن نهزم داعش فى ليبيا معاً.
ثانيا: نعمل معكم على هزيمة السرد المتطرف. فنحن لا نستطيع إيقاف الإرهابيين بالوسائل العسكرية فقط فى عالم يزداد فيه أعداؤنا خبرة فى توصيل رسائلهم الهدامة إلى العامة. ويعنى ذلك فضح السرد المتطرف بإظهار طبيعته. ولذا فنحن نضاعف جهدنا مرة أخرى فى إغلاق الحيز الذى يعمل المتطرفون من خلاله. لذا فلقد قمنا بالمملكة المتحدة بالفعل بالاشتراك مع شركات الانترنت فى مسح أكثر من 90.000 مقطع متطرف؛ ودربنا المئات منذ عام 2011 بما فيهم العاملون فى الصف الأول فى القطاع العام للتأكد من أنهم يستطيعون التعرف على التطرف ومنعه؛ كما قمنا باستبعاد حوالى 100 ممن يقومون بالوعظ الملىء بالكراهية وذلك أكثر من أى حكومة أخرى.
سنقوم فى أواخر العام الحالى بنشر استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف مما سيحسن من فهمنا للتطرف، وإدخال تدابير تعزز من قيمنا المشتركة وتقوى المجتمع المدنى فى سبيل منع التطرف من التحكم. ومن الأهمية بمكان أننا ننظر للمؤسسات الدينية المصرية مثل الأزهر ودار الإفتاء كشركاء لنا فى استراتيجيتنا لمكافحة التطرف. فهذه المؤسسات لديها السلطة للبدء فى نشر الفهم الصحيح للإسلام. وسنقوم بالاستفادة من علمهم ومعرفتهم وحكمتهم فى مكافحة السرد الذى يروج له المتطرفون.
ثالثا: نقوم بتقوية يد مصر ضد الإرهابيين بمساندة رؤيتها لمجتمع أكثر إزدهارا وديمقراطية. فالشركات البريطانية نشطة بالفعل فى مصر، وفى الحقيقة فإن بريطانيا أكبر المستثمرين فى مصر فهى مسئولة تقريبا عن نصف الاستثمار الأجنبى المباشر. حيث وضعت شركاتنا 24.1 بليون دولار فى الخمسة أعوام الأخيرة. واستثمرت بى بى Bp 12 بليون دولار في العام الحالى وهو الأكبر فى تاريخ مصر. وتوظف فودافون 9.000 موظف مصري. ومع ذلك تقدم قناة السويس فرصا أكثر من ذلك للاستثمار. إن الشركات البريطانية لها باع قوى فى إدارة الموانئ، والبنية التحتية، والهندسة، والأمن. لذا فسنتتبع المجالات التى يمكننا المشاركة فيها.
لكن بعيدا عن الأعمال نحن مصممون على فتح الفرص عبر المجتمع المصري. فنحن نوفر التدريب على اللغة والمهارات لـ 85.000 من الشباب. ولقد استثمرنا 50 مليون دولار فى المشاريع الاقتصادية منذ عام 2011 بمساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبعض المجتمعات الأكثر احتياجا. ونستمر فى تشجيع الحكومة على تطبيق الحقوق التى يضمنها دستور 2014. لقد رفض المصريون التطرف والاستبداد وهناك بديل قابل للتطبيق. حكومة مستجيبة وتخضع للمساءلة، مؤسسة على الحقوق والحريات وقواعد القانون. وهذه هى أركان الاستقرار طويل الأمد.
لذا ففى اليوم الذى تعرضون فيه قناة السويس الجديدة كهدية للعالم، فإن بريطانيا تعرض التضامن معكم فى المقابل. بالعمل أكثر قربا معكم لوقف الإرهابيين، حتى يمكن لشعب مصر ولهذه المنطقة بناء المستقبل الذى يستحقونه.
مقال لوزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، نقلا عن «بوابة الأهرام».

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 1:18:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية