مجلس الأمن وملاحقات نجل صالح و زعيم الحوثيين

بقلم أ .د /أيمن سلامة
تتطلع دول الخليج العربي، أن يضع مجلس الأمن الدولي لمنظمة الأمم المتحدة، كلاً من نجل الرئيس اليمني المخلوع «علي عبدالله صالح»، وزعيم مليشيات الحوثيين «عبدالملك الحوثي»، على لائحة جزاءات مجلس الأمن ، ،علاوة على فرض حظر أسلحة على الحوثيين الذين يبسطون سيطرتهم على أنحاء من اليمن عقب انقلابهم على الشرعية التي يحظي بها كلا من الرئيس اليمني ” عبد ربه منصور ” و الحكومة اليمنية .
وفقا لمشروع القرار الذي أعدته الأردن – الرئيسة الدورية الحالية لمجلس الأمن – و بعد التشاور مع دول مجلس التعاون الخليجي ، سيقوم المجلس بتجميد أصول وحظر سفر على «أحمد صالح»، الرئيس السابق للحرس الجمهوري في اليمن، وعلى «عبدالملك الحوثي»، زعيم مليشيات الحوثيين التي تتحالف مع إيران بحسب الدول الخليجية.
وكان مجلس الأمن قد وضع الرئيس اليمني السابق، واثنين من كبار قادة الحوثيين، هما «عبدالخالق الحوثي» و«عبدالله يحيى الحكيم»، على القائمة السوداء في نوفمبر الماضي. كما يدعو مشروع القرار أيضا «الدول الأعضاء، لاسيما الدول المجاورة لليمن، إلى تفتيش… كل الشحنات إلى اليمن»، حيث اعتقدوا أنها تحتوي على أسلحة.
و لم يشر مشروع القرار صراحة على ذكر عملية «عاصفة الحزم» التي يشنها تحالف عربي تقوده السعودية ضد الحوثيين ولا يذكر كذلك المقترح الروسي الأخير بإرساء هدنة إنسانية في اليمن .
جلي أن المجتمع الدولي، والذي ينوب عنه بمقتضي ميثاق منظمة الأممم المتحدة مجلس الأمن ، يتوق من خلال الاجراءات والتدابير الجزائية التي يفرضها مجلس الأمن، الي تعدي مجرد كلمات و عبارات الشجب أو الادانة أو الاحتجاج الدبلوماسي في مواجهة الدول والأفراد أيضا الذين يخرقون ميثاق منظمة الأمم المتحدة و تحديدا السلم والأمن الدوليين، باعتبارهما الغاية الرئيسة التي تاقت المنظمة ذاتها لأجل تحقيقها منذ ولدت منظمة الأمم المتحدة عام 1945 .
ان نجاح مجلس الأمن في فرض العقوبات الذكية – التي لا تفرض علي شعوب – ضد أشخاص بعينهم ، و الذين في الغالب و بحكم مناصبهم الرسمية ، أو غير الرسمية ، يهددون السلم و الأمن الدوليين ، أضحي انجازا جديدا يحسب لمجلس الأمن ، في مواجهته للحالات أو المواقف التي تهدد السلم و الامن الدوليين .
لقد كانت التجربة المريرة من معاناة انسانية شديدة عاناها الشعب العراقي منذ عام 1990 و لثلاثة عقود ، أول اخفاق بين لمجلس الأمن ، في تعاطيه مع مسألة العقوبات الاقتصادية ضد الدول، و تحديدا الحالات التي تمثل نقمة للشعوب، و نعمة للطغاة من الحكام و المسؤولين ، حيث لا تؤثر العقوبات الاقتصادية تجاه هؤلاء أي تأثير يذكر .
لقد أفضت العقوبات الجماعية ضد دول بشعوبها ، و التي فرضها مجلس الأمن ، كما في الحالة العراقية السابق الاشارة اليها، إلي أثار اقتصادية كارثية نجمت عن فرض هذه العقوبات، حيث تطال أيضا هذه العقوبات جانبا كبيرا من حقوق الانسان بالنسبة لشعب الدولة التي التي تفرض هذه العقوبات بحقها، حيث أصبحت هذه العقوبات الجماعية وسيلة لانتهاك حقوق الانسان نتيجة الطريقة التي استخدمت فيها كما في الحالة العراقية ، مما أدي الي تناقض حقيقي في عمل منظمة الأمم المتحدة، و انتكاسة جديدة في مصداقيتها .
طلي أيضا ، أن العقوبات الاقتصادية سواء التي تفرض بحق الدول ، أو اشخاصا بعينهم، تتخطي حدود الوسائل السلمية البحتة لحل النزاعات ، بيد انها في ذات الوقت لا تصل الي حد احداث الأثار الكارثية لاستخدام القوة المسلحة .
يختلف فقهاء القانون الدولي حول توصيف ماهية العقوبات الاقتصادية، سواء تلك التي تفرضها الدول، أو تلك التي تفرضها المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن، حيث يشير نفر من الفقهاء ، الي أن العقوبات الاقتصادية تعني : ” تصرف سياسي يحمل أذي أو اكراه تقوم به الدولة في سياستها الخارجية “، ويعرفها البعض ، بأنها : ” العقوبات الاقتصادية هي أي قيد من قبل أية دولة مستخدمة للعقوبات علي التجارة الدولية مع أية دولة أخري ، من أجل اقناع حكومتها بتغيير سياسة ما “.
في ذات الصدد ، لقد فضلت لجنة القانون الدولي لمنظمة الأمم المتحدة أن تستخدم مصطلح “الجزاءات الدولية” ، لتعبر عن العقوبات التي يهدد بها ، أو تفرض كنتيجة معلنة لاخفاق الدولة المستهدفة في الالتزام بالمعايير الدولية أو تنفيذ التزاماتها الدولية ، فضلا عن أن اللجنة المشارة اليها، كانت قد ربطت بين تطبيق هذه الجزاءات الدولية، وأداء الأمم المتحدة لوظيفتها المتمثلة في حفظ السلم والأمن الدوليين .
و ختاما، فاننا نؤكد أن الغرض الرئيسي من هذه الجزاءات – ان حصلت – هو ذات الغرض من عملية “عاصفة الحزم ” التي تقوم بها قوات الائتلاف الدولي لدعم الشرعية في اليمن، والتي تتمثل في عودة كافة الفرقاء للجلوس علي طاولة المفاوضات، من أجل بناء الدولة اليمنية الجديدة .
دكتور أيمن سلامة - أستاذ القانون الدولي العام وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 11:22:00 ص. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية