دستور يتأرجح بين نعم أو لا يحدد مصير مصر

تحقيق: جورجيت صادق
مشروع الدستور الذي أعلنت لجنة الخمسين الانتهاء منه ورفعته إلي رئيس الجمهورية والذي سيطرح للاستفتاء الجماهيري هو تعديل لدستور 2012 بناء علي الإعلان الدستوري الصادر من رئيس الجمهورية المؤقت في 8 يوليو 2013، والوضع الحالي يفجر تساؤلات مهمة طرحناها علي عدد من الكوادر القانونية والسياسية في المجتمع لنعرف رأيها وما مصير مصر خلال الفترة القادمة، حيث النظرة الأولي تبين أن لجنة الخمسين انتهت من وضع مشروع الدستور وتم التصويت عليه فيما بين أعضاء اللجنة ولكن في وجدان بعض الفصائل في لجنة الخمسين وعلي مستوي الشارع هناك بنود يوجد جدل شديد حولها فهل هذا الجدل سينتهي نهاية مأساوية برفض مشروع الدستور أم أن هذه المواد الخلافية لا ترقي لمستوي رفض الدستور بجملته؟
تحدثنا أولاً إلي: 
د. مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية:

فأجاب قائلا:


الموافقة علي مشروع الدستور تعني تكليل لما حدث من توافق وصحوة للشعب في 30/6 ، 3/7 (تاريخ تنحي مرسي أو عزله) وإذا جاء التصويت (بلا) فمعناها رفض وإهدار لما حدث في 30/6 وأيضا نجاتنا من يد الإخوان في 3/7 والاستفتاء علي الدستور معناها الموافقة علي 247 نص دستوري بجملته، فلا يستطيع احد من المثقفين أو حتى عامة الشعب أن يفرق بين نصوص مقبولة ونصوص غير مقبولة، ولو تابعت الإعلانات المنتشرة في الشوارع والموضوعة علي أعمدة الإنارة فهي تقول (نعم للدستور نعم لـ30/6 ، 25 يناير) فهي ترتبط بين هذا الدستور وحتى بين ثورة 25 يناير.
وإذا كان هناك بنود يوجد لدي بعض الفصائل والقوي الثورية اعتراض عليها مثل (محاكمة المدنيين عسكرياً، عدم تخصيص كوته مناسبة للمرأة والشباب والأقباط...) تثير غضب البعض لكن الشعب بحسه الفطري اعتقد انه يدرك أن عدم قبول هذا المشروع الدستوري هو تفشيل لهذه المرحلة، وبالأمس كنت في احدي الفضائيات للتسجيل وكان معي شباب من الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي (الذي يرأسه د. أبو الغار والببلاوي نفسه ينتمي إليه) كانوا عندما تحدثت معهم كانوا في منتهي الضيق من قانون الحق في التظاهر ومحاكمة المدنيين عسكريا وهم كثير من القوي الثورية ينادوا بإقالة وزير الدفاع والداخلية والتعليم العالي، ولكن عندما سألتهم بما ستصوتون علي الدستور لم يعطوني إجابة واضحة وقالوا لم نحسم رأينا بعد

وعندما سألتهم مرة أخري
هل يعني هذا أن غضبكم من قانون التظاهر وبعض النصوص الدستورية سيقودكم إلي نوع من التوافق بينكم وبين التيارات الإسلامية والإخوان المسلمين؟
وأيضا لم تكن إجابتهم بنعم أو لا
ومن وجهة نظري لابد أن يدركوا أن الإجابة بلا معناها فشل لكل المرحلة السابقة
وتقديري الشخصي للموقف أن الحكومة أخطات خطأ سياسيا في التعامل مع المظاهرات المعادية لقانون التظاهر بل أيضا بإصدار قانون التظاهر في هذه الفترة الحرجة، وأيضا الأحكام المتشددة علي البنات أصحاب (7 الصبح في الإسكندرية) وهذا كله انصب في مصلحة الإخوان (عدو عدوي صحبي)
ولابد ان نعترف ان الحكومة الحالية فاشلة أيضا اقتصاديا ولم تحقق أمنيات الشعب الكادح.
وحول ماذا سيكون عليه الوضع في حالة التصويت بلا قال:
سيكون أمامنا عدة اختيارات صعبة إما تغير لجنة الخمسين وإعلان دستوري جديد أو الرجوع إلي دستور 71 أو ندخل في جدل سياسي عقيم لا نعرف إلي ماذا ينتهي واعتقد ان سقوط الحكومات والدول مرتبط بأخطاء سياسية.

يصعب التكهن

وبسؤال د. غباشي عن ماذا يتكهن هو شخصيا هل المشهد يشير إلي تصويت بالسلب أم بالإيجاب قال:
لا استطيع التكهن ولكن كل ما ارجوه انه خلال الأيام القادمة سيكون الأمر مرهون بنجاح الحكومة والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام بمختلف أشكالها يكون لها القدرة علي قناع الأغلبية بالتصويت بنعم والذي سيحسم الأمر ليس النخبة والمثقفين بل حزب الكنبة وهم من العامة ورأيهم سيحسم الاستبيان.

الأصوات العائمة

ثم تحدثنا مع شخصية كانت معايشة ولها دور في اللجنة الدستورية 2012، وأيضا لجنة الخمسين الحالية وهو د. أحمد فؤاد أنور أستاذ اللغة العبرية بكلية آداب جامعة الإسكندرية ومنسق ائتلاف (الأصوات العائمة ضمير وتوعية) أردنا في البداية أن نعرف ما معني الأصوات العائمة فتحدث د. أحمد قائلاً:
هذا مصطلح عالمي ومعناه أن هناك أغلبية يمكن ان تحسم الانتخابات ودورنا توعيتها باعتبارها أصوات نقية لم تلوث وليس لها اغراض وعدم نزولها للاستفتاء او الانتخاب وقت الضرورة يجعل الأمور فيها خطورة ونزولها سيحمي المجتمع من نتائج مغرضة لصالح تيارات بعينها مثلما حدث في الانتخابات الموجهة لحزب الحرية والعدالة والتي أضرت بنا حتي يومنا هذا، ولابد ان يكون أصوات هؤلاء بناء علي معايير وبعد توضيح الصورة لهم كاملة.
والائتلاف يضم 7500 ناشط سياسي متطوع يقوموا بالتوعية المجتمعية ولا نقبل أي تبرع او دعم مادي ولكن يمكن ان تعطينا وزارة الثقافة قاعة لعمل ندوة توعية والمجلس القومي للسكان تبرع بباصات ونذهب بها إلي التجمعات في المقاهي والأندية ونتحدث مع عامة الشعب ونحمسهم الي النزول والاندماج في الحياة السياسية وكان لنا دور في لجنة دستور 2012 حيث اعترضنا علي التشكيل الأول للجنة الدستور ونجحنا في أبطالة وعندما تم تشكيل لجنة ثانية ذهب وفد منا (22 ناشط) وقابلنا البلتاجي وسجلنا مطالبنا ومنها مراعاة الفئات المهمشة، وتمثيل كل فئات المجتمع في الدستور وعرفنا فيما بعد انه تم تجاهل وعدم تسجيل هذه المطالب واستهانوا بنا وكانت النتيجة وجودهم في السحن حالياً، واللجنة الحالية ذهب وفد منا للقاء سامح عاشور وأخبرناه بما حدث مع لجنة دستور 2012 واستمع إلينا جيدا وكثير من بنود مشروع الدستور الحالي اخذ بالآراء التي سجلناها وكان هذا اللقاء قبل الانتهاء من مسودة الدستور بأسبوعين تقريباً.
ومن هذه المقترحات مراعاة حقوق العمال والفلاحين، إلغاء مجلس الشوري لان به إهدار للمال العام وليس له دور فعلي.
ومن وجهة نظري أن الرأي العام اميل الي التصويت بعم لمشروع الدستور ولا يجب الالتفاف لما يصنعه الإخوان فهم يزيدون عزل أنفسهم اجتماعيا بعد أن تم عزلهم سياسيا لان الله فضحهم خلال العام الذي تولوا فيه الأمور وما يفعله الآن قله من الشباب في الشارع لا يمثل كل الشباب، وللأسف بعض الشباب الموجود في التظاهرات مستفيد من هذا الوضع ماديا ومعنويا ومتواجد في بؤرة الاهتمام وانتهاء هذا الوضع واستقرار الأمور سيجعلهم بلا قيمة.

حزب متطرف

وما حدث لحزب الحرية والعدالة في مصر حدث في إسرائيل، حيث كان يوجد حزب اسمه (كاخ) وفاز في الانتخابات ودخل إلي الكنيست الإسرائيلي بأغلبية الأصوات ولكنهم اكتشفوا انه حزب متطرف وعنصري ويمثل خطورة علي المجتمع فتم طردهم من الكنيست وحل الحزب ولم يعطوهم فرصة ليدعوا أنهم جاءوا بأغلبية الأصوات.
ولو حدث أن جاءت نتيجة التصويت بلا لمشروع الدستور هناك عدة توقعات أما العودة لدستور 71، أو إعلان دستوري وتكوين لجنة خمسين جديدة ويمكن أن ندخل في سيناريو فوضي لا يحمد عقباها.
د. طارق خضر رئيس قسم القانون الدستوري بأكاديمية الشرطة ومحافظ دمياط السابق:
مشروع الدستور هو تعديل دستور 2012 بناء علي الإعلان الدستوري الصادر من رئيس الجمهورية في 8 يوليو 2013 إذن لجنة تعديل لدستور 2012 ما سيعرض علي رئيس الجمهورية تعديل 2012 وهذا المشروع لا يتحول إلي تعديلات نافذة الا بموافقة الشعب.
وأنا أري أن هذا المشروع علي الرغم من اعتراض البعض علي بعض المواد الا أنني أتوقع وبجدية شديدة انه سيتم الموافقة علي هذه التعديلات لان الكمال لله وحده، فلا يوجد أي عمل من اعمال البشر سيكون محل لاجماع الجميع. واري ان التعديلات في مجملها طيبة رسخت لنظام شبة رئاسي واهتمت بالحقوق والحريات العامة، استطاعت هذه المواد عمل توازن بين سلطات الدولة الثلاثة، استطاعت في باب الاحكام الانتقالية بعض المواد التي كنا في حاجة إليها، وأيضا في باب المقومات الأساسية للمجتمع نجد أن التعديلات لأول مرة تنص علي المقومات الثقافية، والبنود المعترض عليا يمكن فيما بعد تعديلها وتعديل الدستور منصوص عليه في هذا الدستور، اقتراح العديل من رئيس الجمهورية أو 1/5 عدد أعضاء مجلس النواب اذن تعديله وارد.
مشروع الدستور جيد، واذا تراءي فيما بعد لرئيس الجمهورية او النواب اقتراح تعديله فهو ليس قرانا.
إذا جاءت النتيجة بلا يمكن للرئيس المؤقت ان يصدر إعلانا دستوريا يتم بمقتضاه إيجاد حل من خلال تشكيل لجنة أخري بتعجيل دستور 2012 ولا يمكن الرجوع إليه لانه كان دستور لصالح فصيل معين وهم جماعة الإخوان.

قابل للتعديل

د. إيهاب يوسف خبير في إدارة المخاطر الأمنية وأمين عام جمعية الشعب والشرطة لمصر:
للأسف هناك اعتراض شديد في الشارع علي عدد كبير من نصوص الدستور وتوقعات الشارع في 30/6 كانت تنبئ بأن نسبة التصويت علي الدستور كان لابد الا تقل عن 70% لمن يقولون نعم حتي تصبح دستور مرضي لأكثرية الشعب ولكن المعايش للإحداث خلال الثلاثة أشهر الماضية يعلم ان نسبة التصويت بنعم لو تمت الموافقة علي الدستور لن تزيد عن 50%.
ولو كان التصويت بلا لن يكون هناك من وجهة نظري أي مشكلة سنشكل لجنة جديدة وفق الإعلان الدستوري لرئيس الجمهورية، ولن يحدث أي ارتباك لان الأمور يجب أن تسير بالتوازي وليس بالتوالي أي ان الانتعاش الاقتصادي وقرارات الحكومة ليس لها علاقة بالدستور فما علاقة مثلا المحافظين وحلول لمشكلة النظافة بالدستور يمكن ان تخصص نسبة وهو موجودة بالفعل في القانون للمعاقين ولكن لا تنفذ، واذا كانت الحجة عدم وجود رئيس جمهورية دائم فحتي لو حدثت انتخابات رئاسية من وجهة نظري لن يحصل علي أكثر من 50% من الأصوات حيث يصعب في هذه الفترة وجود شخص يجمع أغلبية أصوات.
ولكن في جميع الأحوال أي عمل إنساني قابل للتعديل والنصوص المختلف عليها الآراء يمكن أن تعدل ببساطة بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

ارتباك مفتعل


الكاتب الصحفي محمد مصطفي شردي يري ان سيناريو مفتعل من الإخوان حيث يظهر أمام العالم ان المشهد السياسي في مصر مضطرب نتيجة الانقلاب الذي حدث علي الشرعية من وجهة نظرهم وان المجتمع والشارع غير راضي عما يحدث وهم الان في مرحلة الانفاس الاخيرة وهم معتقدين ان ما يفعلونه سيوصلهم الي تفاوض سياسي معهم بشروط لصالحهم حتي يتم سؤالهم (انتوا عايزين ايه علشان تسكتوا وتبطلوا شغب)
ولكنهم تناسوا انه من الصعب ان يجلس احد معهم للتفاوض لان كل من كان يحاول ان يجلس معهم كان يفشل، رغم أنهم فصيل سياسي لا يمكن تجاهله.
وفي النهاية الدستور سيصدر وسمرر ولن يعود ابدا لدستور 2012 باي حال من الاحوال مهما حاولوا خطة العصف والتشوية لأعضاء لجنة الخمسين وكل دستور من عمل البشر تحدث فيه اختلافات ومناقشات والكمال لله وحده.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 2:30:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية