حنان إسماعيل راشد تكتب: فات القليل.. وبقي الكثير


خلال الأيام الأخيرة، كان الحدث الأبرز الذي استحوذ على اهتمام جميع المصريين وأرق مضاجع الكثيرين هو حادث اختطاف أحد الجماعات الإرهابية لسبعة جنود مصريين واحتجازهم كرهائن في موقع غير معلوم لمدة أسبوع.
كان للإرهابيين المحسوبين على أحد الجماعات الجهادية المسلحة في سيناء عدة مطالب للإفراج عن الجنود المختطفين، على رأسها توقف القوات المسلحة عن هدم الأنفاق والإفراج عن عدد من المسجونين الجنائيين الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية في جرائم إرهابية.
وبغض النظر عن طبيعة الاتصالات أو المفاوضات أو التفاهمات التي أدت في النهاية إلى إطلاق سراح الجنود المختطفين، وبغض النظر عن مساحة التعتيم الواسعة على هوية الخاطفين وعلى ما قد يكون قد تم تقديمه من تنازلات، فإننا نهنيء أسر الجنود الغلابة على فك أسر أبنائهم الأكثر بؤسا وغلبا، ونهنيء الشعب المصري على انتهاء أحد حلقات مسلسل الرعب واستنزاف الأعصاب وحرق الدم الذي يعايشه أبناء هذا الشعب الصابر بصورة يومية.
هذه الحلقة رديئة الإخراج مكشوفة الحيل التي دبرها ونفذها نفر من أصحاب العقول الضيقة والخيال المريض، والتي لم تكن الأولى ولن تكون بكل أسف الأخيرة إن لم يتخذ هذا الشعب قرارا شجاعا جريئا عاجلا مستعجلا باستئصال الورم السرطاني الذي يرعى ويتمدد في جسد هذه الأمة، قبل أن تتضاعف الخسائر وتتعقد المشكلات، وقبل أن تصبح العواقب وخيمة وعصية على الحل.
وكمواطن مصري أشكر قواتنا المسلحة التي رفضت الابتزاز وحشدت القوات ومارست الضغط وضيقت الخناق على الخاطفين وحلفائهم ومن يقف في خلفية المشهد داعما وراعيا وحاميا -ولا أقول محرضا- لهم، حتى تم الإفراج عن الرهائن المختطفين.
وننتظر من القوات المسلحة أن تظل مستقلة قوية عصية على التطويع، وننتظر منها أيضا أن تظل حامية لهذا الوطن وحارسة لتراب كل بقاعه وأصقاعه، وأن تظل حائط صد منيع أمام ما يحاك له وما يدبر ضده من مؤامرات من قبل قوى داخلية أو خارجية، وننتظر منها كذلك مصارحة الشعب بكل الشفافية بما توفر لديها من أوراق ومعلومات -وهو كثير- حول كافة عناصر هذه المؤامرة وغيرها من المؤامرات التي دبرت وتدبر ضد الوطن.
وننتظر من قواتنا تكثيف تنفيذ خططها الرامية إلى هدم وردم الأنفاق وإحكام السيطرة على حدود الدولة، واستكمال بسط السيادة على سيناء، واستئصال شأفة الإرهاب، وإبادة كل بؤر الإجرام، وتفريغ شبه جزيرة سيناء تفريغا كاملا من كل أنواع السلاح، بخلاف السلاح الرسمي لجهازي الجيش والشرطة.
وننتظر من القوات المسلحة بإمكانياتها الضخمة وبشركاتها العملاقة المساهمة بنصيب وافر في تنمية وتعمير وإعمار كافة مناطق سيناء، تنمية شاملة، تفتح أبواب العمل الشريف والرزق الحلال أمام أهالي وقبائل سيناء حتى لا يعودوا بحاجة إلى التكسب من إيواء الإرهابيين والمهربين والهاربين من وجه العدالة، وتشجع الهجرة الداخلية لتوطين عدة ملايين من شباب المصريين الذين يضيق بهم الوادي، سكنى وعملا وطموحا وآمالا وأحلاما مشروعة.
قد يتفق معي كثيرون في أن حل أزمة الجنود الرهائن يجب أن يكون مدخلا واسعا وبوابة ملكية للتعامل الجذري مع مشكلات سيناء المتراكمة والمتعاظمة والمتفاقمة، تعاملا استراتيجيا يصون ويحمي السيادة الوطنية والأمن القومي، وتعاملا تنمويا يحقق ويضمن التنمية الشاملة المستدامة للأرض والإنسان.
وأزعم أن هذا هو الوقت المناسب تماما للبدء في عملية استراتيجية كبرى تستهدف تطهير سيناء وتحريرها وإعادتها جزءا أصيلا غاليا من أرض الوطن، وأزعم أن كل تأخير يضاعف الكلفة ويعقد المشكلة ويزيد من صعوبة المهمة، وقد يدفعنا للندم حيث لن ينفع ولن يجدي أي ندم.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 2:27:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية