الإمارات قد تكون الهدف.. ما هي "لجنة ملاحقة الدعم السريع" وما فرص نجاحها؟

تقرير/عصام العربي
في مسار قانوني جديد، شكّل رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، لجنة لرفع دعاوى أمام المحاكم والمنظمات الإقليمية والدولية، ضد قوات الدعم السريع وقادتها، والدول المساندة لها، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية.

ولم تحدد الوكالة المهام التفصيلية للجنة، وأشات إلى أنها برئاسة وزير العدل، وأنها تضم في عضويتها الأمين العام لوزارة الدفاع ومدير الشرطة، وممثلا لجهاز المخابرات وممثلا لوزارة الخارجية.

ويرى أستاذ القانون بالجامعات السودانية، عباس الخضر، أن اللجنة، ذات صبغة سياسية تهدف إلى إدانة قوات الدعم السريع سياسيا، أكثر من كونها لجنة عدلية ذات فاعلية قانونية.

وقال الخضر لموقع الحرة إن "الدور الذي يمكن أن تلعبه اللجنة، تقوم به أصلا جهات سودانية أخرى، مثل وزارة الخارجية، وبعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، التي يمكنها تحريك الدعاوى نيابة عن السودان، مما يدلل على أن اللجنة بلا مهام حقيقية".

ولفت إلى أن "كثيرا من المنظمات العدلية والحقوقية، بما في ذلك في المحيط الإقليمي، تنظر إلى الجيش على أساس أنه متورط في انتهاكات ضد المدنيين من خلال عمليات القصف العشوائي بالطيران، ومن خلال استخدام البراميل المتفجرة".

وأضاف أن "كثيرا من تلك المنظمات تساوي بين الجيش وقوات الدعم السريع في الإدانة، وبعضها يرى أن الحكومة التي تدير السودان الآن، غير شرعية بسبب الانقلاب على حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في أكتوبر 2021، مما يقلل فرص التعامل الخارجي مع اللجنة".

وأشار أستاذ القانون إلى وجود عدد من اللجان والمؤسسات الحقوقية والعدلية الدولية التي تحقق في الانتهاكات بالسودان، منوها إلى أن بعضها شرع فعليا في جمع الأدلة، مما يضيق المسارات التي يمكن أن تتحرك فيها اللجنة التي شكلها البرهان".

وشكل مجلس حقوق الإنسان في أكتوبر 2023، بعثة دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان، وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في السودان.

وحدد المجلس ولاية بعثة تقصي الحقائق لفترة أولية مدتها سنة واحدة، وكلفها بتسليمه تحديثا شفويا عن عملها في يوليو المقبل، على أن تقدم تقريرا شاملا في سبتمبر، وأن تقدم ذات التقرير الشامل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين، في أكتوبر المقبل.

في المقابل، يرى الخبير القانوني السوداني، محمد الحسن الأمين، أن "اللجنة يمكن تتحرك بشكل فاعل في مسارات عدة، بعضها يتعلق برفع دعاوى جديدة، وبعضها يتعلق بالتعاون مع منظمات ومؤسسات إقليمية حقوقية".

وقال الأمين لموقع الحرة، إن "الجرائم التي ترتكبها ميليشيا الدعم السريع تندرج في إطار الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وهذه كلها جرائم تتعارض مع القوانين الدولية في المجال الإنساني، مما يمنح اللجنة فرصة سانحة للتحرك في هذا المسار".

وتوقع الخبير القانوني، أن تنسق اللجنة مع مجلس حقوق الإنسان العالمي، ومع بعض المنظمات الإقليمية الناشطة في رصد وإدانة الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين، "خاصة أن ميليشيا الدعم السريع ارتكبت فظائع كبيرة في هذا المنحى".

وتزامن تشكيل اللجنة مع تحركات يقودها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، للتحقيق بشأن الانتهاكات ضد المدنيين في دارفور.

وشهد إقليم دارفور غربي السودان، في العام 2003، حربا طاحنة بين عدد من الحركات المسلحة وبين الجيش، المدعوم وقتها من ميليشيا الجنجويد، مما خلف الآلاف من القتلى وشرد أكثر من مليوني شخص، وفق الأمم المتحدة.

وبعد نحو عامين من اندلاع الحرب في دارفور، وتحديدا في مطلع أبريل 2005 تبنى مجلس الأمن الدولى، قرارا اقترحته فرنسا بإحالة مرتكبي التجاوزات في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

وفي عام 2007 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد وزير الدولة بالداخلية السودانية، أحمد هارون، والقيادي في ميليشيا الجنجويد، علي كوشيب، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب بينها الاضطهاد والقتل والتعذيب والاغتصاب.

وفي العام 2009، أصدرت ذات المحكمة، مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير، كأول رئيس تلاحقه أثناء ولايته، بعد أن اتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وفي مارس 2012، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا بإلقاء القبض على وزير الدفاع السوداني، عبد الرحيم محمد حسين، ووجهت له 41 تهمة متعلقة بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في دارفور.

يعاني نحو 18 مليون شخص في السودان من الجوع الحاد
صراع أوسع وسيناريو أسوأ.. تحذيرات من "تجاهل" السودان
مع مرور أكثر من عام على الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، ازدادت المخاوف من تحولها إلى صراح إقليمي شامل أو أن يصبح السودان دولة فاشلة في ظل غياب اتفاق على تحقيق سلام دائم أو مسار نحو انتقال سياسي يقود إلى حكومة مدنية.
واستبعد الأمين، وهو نائب رئيس البرلمان في عهد الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، أن تلجأ اللجنة التي شكلها البرهان إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو أن تنسق معها.

وأضاف "نحن دولة لنا موقف من المحكمة الجنائية، لأنها محكمة سياسية، أكثر من كونها محكمة قانونية وعدلية، ولذلك اللجوء إليها فيه بعض الحذر".

لكن في المقابل يقول الخضر إن "هناك التباسا في موقف الحكومة السودانية الحالية من المحكمة الجنائية الدولية"، مشيرا إلى أن "أغلب قادة الجيش الذين يديرون مجلس السيادة أظهروا رغبة في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، قبل الانقلاب على حكومة حمدوك".

وأضاف "ربما تتغير مواقف قادة الجيش الآن، لكونهم باتوا أقرب إلى نظام البشير، بعد الحرب، ومن الوارد عدم تعاون اللجنة مع المحكمة الجنائية، بأي درجة من الدرجات". 

وأشار إلى أن نظام البشير استعاد جزءًا من السيطرة على البلاد بعد اندلاع الحرب، وأصبح يؤثر في كثير من القرارات، خاصة المتعلقة بشؤون الجيش والعمليات القتالية، مما يقطع الطريق على تعاون اللجنة مع المحكمة الجنائية".

ورفض نظام البشير التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وامتنع عن تسليم المطلوبين إليها، أو الترافع أمامها، بحجة أنها "محكمة سياسية"، تستهدف القادة الأفارقة، وفق أجندة سياسية. 

وعقب سقوط نظام البشير، نُقل القيادي في ميليشيا الجنجويد، علي كوشيب، إلى المحكمة الجنائية الدولية في 9 يونيو 2020، بعد أن سلم نفسه طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى، إذ يُحاكم حاليا أمام المحكمة، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وفي أغسطس 2021، زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، السودان، والتقى بعدد من المسؤولين في حكومة الفترة الانتقالية التي أعقبت نظام البشير، وجرى إبلاغه بأن "مجلس الوزراء قرّر تسليم المطلوبين إلى الجنائية الدولية"، وفق فرانس برس.

وقفة احتجاجية أمام مقر بعثة الإمارات بالأمم المتحدة في نيويورك
في نيويورك.. احتجاجات تندد بالسياسة الإماراتية في السودان
قالت وكالة الأنباء السودانية، الثلاثاء، إن طلاب الجامعات والمعاهد العليا من أصول سودانية والمتعاطفيين مع السودان وأهله من مختلف الشعوب والكيانات الطلابية، نفذوا وقفة احتجاجية أمام مبنى بعثة الإمارات الدائمة بالأمم المتحدة في نيويورك.  
ولفت أستاذ القانون إلى أن "الهدف الأساسي من تكوين اللجنة، ليس لملاحقة قادة الدعم السريع، وإنما لرفع دعاوى ضد الإمارات، وربما تشاد وكينيا بدرجة أقل، بزعم أن تلك الدول تساند قوات الدعم السريع وتمدها بالسلاح".

ولفت إلى أن الحكومة السودانية الحالية شكلت لجنة مهمتها ملاحقة قادة الدعم السريع بواسطة القضاء السوداني، وأن اللجنة شرعت فعليا في مهمتها، كما أنها حركت بلاغات ضد حمدوك وقادة سياسيين يعلنون موقفا رافضا للحرب".

وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، طالب مجلس الأمن، في أبريل الماضي، بإدانة الإمارات، وقال إن "الصراع في السودان ما كان سيستمر إلى عام، لولا الدعم العسكري الذي تقدمه الإمارات الراعي الإقليمي لميليشيا الدعم السريع".

وبعد أن وصفها مندوب السودان بـ"الراعي الإقليمي" لتمرد قوات الدعم السريع، دفعت أبوظبي برد رسمي إلى مجلس الأمن الدولي، رفضت فيه ما سمتها "الادعاءات الزائفة" عن اتهامها بتغذية الصراع في السودان.

وقال مندوب الإمارات لدى الأمم المتحدة، محمد أبوشهاب، في الرد الذي سلمه لمجلس الأمن، إن "نشر المعلومات المضللة، والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان".

وفي أبريل الماضي، أصدرت النيابة العامة في السودان، أوامر بالقبض على رئيس الوزراء السابق، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، عبد الله حمدوك، و15 من قادة التنسيقية، بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى مقتل أكثر من 14 ألف شخص وإصابة آلاف آخرين، بينما دفعت سكانه إلى حافة المجاعة.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، الاثنين، إن عدد النازحين داخليا في السودان وصل إلى أكثر من 10 ملايين شخص.

وأوضحت المنظمة أن العدد يشمل 2.83 مليون شخص نزحوا من منازلهم قبل بدء الحرب الحالية، بسبب الصراعات المحلية المتعددة التي حدثت في السنوات الأخيرة.

وأشارت المنظمة الأممية إلى أن أكثر من مليوني شخص آخرين لجأوا إلى الخارج، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر.

ويعني عدد اللاجئين خارجيا، والنازحين داخلياً، أن أكثر من ربع سكان السودان البالغ عددهم 47 مليون نسمة نزحوا من ديارهم. 

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 2:50:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية