العجز الأمني أمام الإرهاب...ألا من مخرج؟!!

بقلم يوسف سيدهم
يستمر مسلسل الأعمال الإرهابية التي تستهدف جهاز الشرطة وعناصر الأمن عبر محافظات مصر,ولا يستطيع أحد أن يدعي أن ذلك المسلسل الكريه غير متوقع أو أن السلطات الأمنية تفاجأ به كلما وقعت واحدة من حلقاته,فالواضح أمام المصريين جميعا أن جماعة الإخوان المسلمين بعدما فقدت السلطة وبعدما لفظها الشعب تصر علي الانتحار السياسي بانتهاج أساليب الإرهاب والعنف والترويع والقتل بما يكشف وجهها الحقيقي القبيح الذي طالما حاولت إخفاءه.
لم يعد يمر يوم جمعة إلا وتعايش مصر فصلا جديدا من فصول الحشود التابعة للجماعة تتحدي القانون وتحمل السلاح وتعيث فسادا وتدميرا أينما حلت علاوة علي تحرش تلك الحشود بقوات الأمن والاشتباك معها غير عابئة بمن يسقط مصابا أو قتيلا وكأن الهدف هو زيادة حصيلة القتلي والمصابين لاستغلالها في لفت أنظار العالم أو لتحقيق أهداف سياسية من وراء ذلك.
هذا الواقع الكئيب بات جزءا من المشهد المصري ويجب الاعتراف بأنه سيستمر كذلك علي الأقل طوال مضي مصر قدما علي مسار خارطة الطريق...صحيح أن المحللين السياسيين يتكهنون بأن اليأس من استعادة السلطة المفقودة سوف يستبد بالجماعة شيئا فشيئا مع مراحل إنجاز خارطة الطريق,لكن يجب أن يتفهم الجميع أن ذلك لا يعني تآكل واضمحلال سيناريوهات العنف والإرهاب,بل علي العكس قد تتسبب زيادة اليأس في تقشي درجات إرهاب هستيري أهوج لاهدف له إلا تحقيق أكبر قدر من الترويع والتدمير والضحايا.
ومع التسليم بأن هذا للأسف هو قدر مصر في هذه المرحلة وتلك هي الضريبة المحتم عليها أن تدفعها للخلاص نهائيا من الجماعة,يبرز التساؤل:كيف لنا أن ندعم السلطات الأمنية ونرفع من قدراتها علي التعامل مع العنف والإرهاب؟...إن المصارحة في هذا الأمر واجبة,والحديث عن نقاط الضعف والقصور في أداء قوات الشرطة لايجب أن يجرح مشاعر قياداتها أو ينتقص من التقدير الشعبي العميق للدور الذي تقوم به والتضحيات التي تواصل تقديمها في سبيل ذلك,لكن الأمر يتعلق بحرص المصريين علي أن يرتقي العمل الأمني إلي المستويات الحرفية الكاملة لغرس الثقة والاطمئنان في نفوس المصريين وللحفاظ علي سلامة وأرواح أفراد الأمن أنفسهم ولقطع الطريق علي النجاحات التي يحققها ويتغني بها زبانية الشر والإرهاب يوما بعد يوم.
ليس من السهل نسيان أو تجاهل سيناريوهات الضربات التي تعرضت لها مديرية أمن الدقهلية,ومن بعدها مديرية أمن القاهرة,هذا علاوة علي استمرار استهداف مراكز ومعسكرات قوات الشرطة والأمن المركزي وأقسام الشرطة,بالإضافة إلي شيوع عمليات الهجوم المسلح علي نقاط تمركز الكمائن الشرطية علي الطرق وتتبع سيارات القيادات والضباط وحتي سيارات جنود الأمن المركز ومهاجمتها...كل تلك السيناريوهات كشفت عن أوجه غير قليلة-وفي بعض الأحيان مفزعة-للقصور في اعتبارات التأمين والحيطة والقدرة علي رد الفعل الفوري لتعقب المجرمين والإيقاع بهم والقبض عليهم....صحيح أن الهدف الأصلي هو امتلاك القدرة علي استشعار العمل الإرهابي قبل وقوعه واستباق ذلك بوأده في الوقت المناسب,لكن إن تعذر ذلك يلزم امتلاك القدرة علي رد الفعل الفوري الذي يستطيع إجهاض نتائج العمل الإرهابي وحصرها في أدني درجات الخسائر الممكنة.
يتحدث الخبراء الأمنيون في هذا المجال عن التقنيات الحديثة التي تتسلح بها قوات الأمن أمام الإرهاب سواء في مراكز القيادة أو غرف العمليات أو بين قوات مقاومة الشغب في الشارع أو لدي تمركز قوات الأمن في نقاط ثابتة أوخلال تحركاتها المختلفة لأداء مهامها...ويتساءل الكثيرون:أين ثورة المعلومات والنظم المتقدمة لرصد التحركات والحشود قبل أن تستفحل وتقوي؟...إلي متي نستمر في متابعة خروج جحافل الإرهابيين أسبوعيا بعد صلاة الجمعة من نفس المساجد في سيناريوبات محفوظا دون منعه والقضاء عليه قبل انفجار الاشتباكات والتخريب والتدمير؟....إلي متي نستمر نسمع عن أنباء تفجير قنبلة أطلقتها سيارة مسرعة أو دراجة بخارية منطلقة علي كمين أمني أو سيارة جنود تابعة للأمن المركزي وتمكن الإرهابيين من الهرب من مسرح الجريمة واكتفاء بيانات الأمن بالحديث عن أنه جار تعقبهم(!!!)...أين فكر استباق الجرم خاصة وأنه متوقع بدرجة كبيرة؟...أين الدوريات الراكبة-سواء في زي الشرطة أو في زي مدني إمعانا في التخفي-والتي تنطلق فورا في أثر الجناة للقبض عليهم؟...هل يعسر علي الفكر الأمني ضرورة وجود قوات خاصة مدربة تدريبا عاليا جدا ومزودة بأحدث الدراجات البخارية تقف علي أهبة الاستعداد للانطلاق خلف أي معتد؟...أو تسير في حراسة سيارات الشرطة وحافلات جنود الأمن المركزي لتطادر وتتعقب أي محاولة للهجوم عليها؟...سمعنا مرارا وتكرارا عن الدوريات الراكبة-سواء سيارات أو دراجات بخارية-لمراقبة وتنظيم المرور في شوارعنا ولم نرها حتي الآن,أليس ذلك أصبح محتما في مواجهة الإرهاب لكسر شوكته وإفشاله؟
إن الحديث يطول والبدائل تتعدد في مجال النهوض بمستوي الأداء الأمني,والطريق مايزال طويلا قبل أن تشفي مصر من ضربات ولدغات الإرهاب الأسود, والأمل أن يشهد المصريون تغييرا في السياسات والأساليب الأمنية تجعل المواطن وأفراد الشرطة علي السواء غير مستباحين بمثل السهولة والجرأة التي نشهدها من جانب الإرهاب.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 2:23:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية