تحدي تمرير الدستور يظل رهينة الأداء الأمني

بقلم / عبدالحميد شومان
تخرج مصر هذا الأسبوع لتقول كلمتها في صناديق الاستفتاء علي الدستور, وسط حملات مكثفة من جانب التيارات السياسية والدوائر الإعلامية لحشد المصريين نحو التصويت بنعم لتمرير واعتماد هذا الدستور كوثيقة تاريخية غير مسبوقة يعول عليها في حمل مصر إلي عصر جديد من الحريات والمساواة والديمقراطية والحداثة.
مشاعر الارتياح والثقة في هذا الدستور تعم الغالبية العظمي من المصريين, والأمل معقود علي خروج نسبة غير مسبوقة منهم -تقدرها بعض استطلاعات الرأي بأكثر من 80% ممن لهم حق التصويت- للإدلاء بأصواتهم حتي تأتي الموافقة بدرجة تعكس قبول وتوافق تلك الأغلبية ومن ثم تقطع مصر خطوة مهمة جدا علي مسار التغيير وخارطة الطريق التي أفرزتها ثورة 30 يونية الماضي.

التوقعات أن تسير وقائع الاستفتاء شفافة ونزيهة بدرجة كبيرة بفضل الإدارة المنظمة له والقضاء المشرف علي شتي مراحله ومنظمات المجتمع المدني المصرية والدولية المصرح لها بمراقبته, فضلا عن أجهزة الإعلام التي ستتابعه وتنقل كل صغيرة وكبيرة متعلقة به علي الهواء مباشرة لمصر والعالم... لكن التحدي الحقيقي يكمن في معيار الأمن والأمان المحيطين بعملية الاستفتاء, وهنا يبرز دور الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة... فلا يخفي علي أحد أنه بالرغم من احتشاد المصريين للموافقة علي الدستور تظل هناك أقلية رافضة له طاعنة في شرعيته,ولأنها أقلية تدرك أن تصويتها بالرفض لن يؤثر علي الغالبية الموافقة عليه, دأبت طوال الشهر الماضي علي التهديد والوعيد بإفساد الاستفتاء ولم تتوقف عن إرهاب وترويع المصريين بأنها تعد العدة لعرقلة التصويت بشتي السبل سواء بمنع الوصول إلي لجان الاستفتاء أو بانتهاج سيناريو العنف والفوضي والاشتباك مع الأمن... إلي آخر تلك الممارسات التي يعايشها ويعاني منها المواطن المصري منذ نحو ستة أشهر.
وإزاء ذلك التهديد السافر صدرت وتصدر التصريحات من الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة تؤكد أن جميع الاستعدادات جارية لتأمين لجان الاستفتاء والوقوف بكل حزم أمام أية مجموعات إرهابية تحاول عرقلة مسار التصويت في الشارع... لكن في الوقت الذي ينبغي أن تعمل تلك التصريحات علي بث الثقة والطمأنينة في نفوس المواطنين, لا يمكن غض البصر عن الواقع المعاش في الشارع طوال الشهور الماضية حيث تتصاعد أعمال العنف والإرهاب وتستمر الفجوة بين التصريحات الأمنية وبين الأداء الأمني ومدي إحكام السيطرة علي صور التظاهر غير القانوني والانفلات والتدمير والترويع والإرهاب.
إن المتابع للأحداث اليومية التي تنفجر في محيط الجامعات المصرية وما تسفر عنه من تحد سافر لقانون التظاهر وانطلاق الغوغاء من طلبة الجامعة -مع الدخلاء المأجورين- لعرقلة العملية التعليمية وتهديد وترويع الآمنين بالفوضي والتدمير والحرق وقطع الطرق ومهاجمة قوات الأمن بشتي المتفجرات والأسلحة... المتابع والمتأمل لذلك السيناريو الإرهابي الكريه لن يفوته أن الأداء الأمني مهتز ومتردد ومكتف برد الفعل وفاقد الصرامة والمبادأة في السيطرة علي الأمور في مهدها... إن مشاعر الضيق والاستفزاز تستبد بالمصريين وهم يتعرضون -أو يتابعون- لموجات الإرهاب الإخواني في الكليات الجامعية وفي المناطق المحيطة بها ويجدون حشود المتظاهرين التي لم تخطر الأجهزة الرسمية والأمنية مسبقا برغبتها في التظاهر, تنطلق حاملة السلاح وتهاجم المارة وتقطع طريق السيارات وتنجح في الترويع والتدمير والحرق تحت سمع وبصر حشود الشرطة, قبل أن تبادر الشرطة باستخدام خراطيم المياه أو قنابل الغاز لتفريقها... والغريب أن الشرطة لا تبادر بتطويق تلك المجموعات الإرهابية وحصارها للقبض عليها, إنما تقوم بتفريقها وبعثرتها في الشوارع الجانبية والأزقة فيفلت الآلاف ولا يتم القبض إلا علي النذر اليسير, حتي أنني أتصور أنه في نهاية اليوم تزهو تلك الجماعات الإرهابية بتحقيق أهدافها في إرباك المصريين وإنهاك قوات الأمن والنجاة لتعود في اليوم التالي لتمارس ذات السيناريو الكريه!!.
خطورة هذا الواقع أنه يرسل رسالة مدمرة لكل من المواطن المصري والإرهابيين أن السلطة عاجزة عن فرض هيبة الدولة وتطبيق القانون... وما يحدث في الكليات الجامعية يتكرر ويستمر يحدث عقب كل صلاة جمعة ومن نفس المساجد المعروفة في القاهرة أو الإسكندرية أو باقي المدن المصرية ويتكرر معه ذات الأداء الأمني المتردد وكأن تلك الحشود والمظاهرات سلمية وسبق أن وافقت السلطات عليها لكنها فجأة وعلي غير المتوقع تنقلب إلي العنف والإرهاب!!!.
بالرغم من حماسي الشديد لعملية الاستفتاء علي الدستور بنعم, وبالرغم من إصراري علي دفع جميع المصريين للخروج للإدلاء بأصواتهم في هذا الواجب الوطني إلا أنني لا أستطيع تجاهل التحدي الواقع علي أجهزة الأمن المسئولة عن تأمين الاستفتاء وحماية المصريين, ولا أستطيع تجميل أو تزييف الواقع المعاش في هذا الصدد والذي يترك علامات استفهام كثيرة حول قدرة هذه الأجهزة علي القيام بدورها بكل صرامة وبلا هوادة... وأرجو أن نري في هذا الإطار أداء مختلفا عما نعيشه ونعايشه هذه الأيام.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 4:04:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية