بقلم مستشار التحكيم الدولي/ عبدالحميد شومان
قال الله تعالى في سورة القيامة (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) صدق الله العلي العظيم. لقد ظهر إعجاز القرآن الكريم في تفصيل مبادئ قانونية تتعلق بنظرية الاختلاف بين الأجناس، إذ تغنى الغرب بأهم اكتشافاتهم في القرن التاسع عشر حينما اكتشفوا ان لكل إنسان بصمة اصبع، عملوا ليل نهار على تطوير هذا الاكتشاف المهم، من مكافحة الجريمة إلى تطوير أساليب التجسس والملاحقات وغيرها، وحينما عرضنا عليهم أننا كنا السباقين في القراءة، أجابوا بأنهم يعرفون كل المعرفة بأن ما من دابة تدب على الأرض إلا وذكرها إسلامنا.
ولكن الفرق يبقى كبيرا بين ان نبقى من القراء وبين ان نعمل ليل نهار لإخراج الكلمات إلى أبحاث واكتشافات، فالإنسان عرف الجريمة منذ ان وجد على سطح هذه البسيطة مذ أن قتل قابيل أخاه هابيل. تعددت وسائل وأساليب الجرائم في عصرنا هذا، وباتت تنفذ بأساليب متطورة. من قتل الى سرقة الى غيرها، ففي الغرب كلما تعدت الجرائم كلما تطورت وسائل الكشف عنها. أما في مجتمعاتنا فالقاتل الذكي اذا كانت عقوبة الإعدام لا تردعه فما هو الرادع الحقيقي له؟ هذا القاتل يكون بدون لون ولا وجهة، انه آلة موجودة متعطشة لا تخاف الا من اكتشاف أمرها لهذا تعتبر علوم الأدلة الجنائية محصلة مهمة لاكتشاف الجرائم، تتطور معها وتبحث دائما وراء الحقيقة، تتعقب المجرمين لترسل لهم برقيات ان إلقاء القبض عليهم ليس سوى مسألة وقت.
من هنا لا بد من تفعيل هذا المضمار كما انه اصبح لزاما علينا التفكير مليا بفتح اختصاصات مستقلة متعلقة بهذا الموضوع. لماذا يتسابق الغرب في تمويل مراكز أبحاثهم بينما ننفق القليل والكثير على كل شيء عدا الدراسات والأبحاث. ففي المؤتمر الذي عقد في مدينة بربينيون في فرنسا تجد خلية النحل كيف تعمل وكيف خرج بمقررات مجدولة لدخولها حيز التنفيذ. مركز ابحاث ودراسات يعنى بإعطاء شهادات الماجستير والدكتوراه، وبمنح في أغلب الأحيان، لكل من يرغب من مشارق الأرض الى مغاربها. أما نحن فمازلنا من عهد قابيل نسأل كيف ولماذا؟ واذا قررنا العمل اختلفنا واذا جلسنا تخاصمنا. فإلى العمل لمكافحة الجريمة عبر تطوير علوم الأدلة الجنائية وتدريسها في الجامعات. لا بد من عقد الندوات والمؤتمرات للتباحث حول ارتفاع مستوى الجريمة في العالم العربي وسبل مكافحتها بكل تأكيد لأن المستقبل يبشر بالأعظم.