القرار السعودى الإستراتيجى

عماد الدين حسين يكتب
الانقلاب الاستراتيجى الذى حدث فى المنطقة بعد 30 يونيو فى مصر هو التحرك السعودى لنصرة المصريين.
لم يكن الفريق أول عبدالفتاح السيسى مبالغا حينما اعتبر بيان الملك عبدالله بن عبدالعزيز أهم قرار سعودى منذ عام 1973 حينما قرر الملك فيصل والشيخ زايد بن نهيان رئيس الامارات وقف تصدير البترول العربى للغرب لموقفهم المساند لإسرائيل.
بيان الملك عبدالله كان قويا لدرجة ربما «لخبطت» العديد من الحسابات الإقليمية والدولية.
لإدراك ذلك ينبغى فهم المعادلات والتحالفات التى كانت سائدة قبل 30 يونيو.
كان هناك مشروع إقليمى برعاية دولية يقوم على تحالف كبير بقيادة تركيا الاردوغانية ويمتد من اسطنبول إلى تونس مرورا بقطر، الأمريكان كانوا قد استكانوا وقبلوا هذا المشروع لاعتبارين أساسيين: الأول انه بقيادة الإسلام السنى المعتدل الذى سيهزم الإسلام السنى المتطرف وسيتصدى للمحور الشيعى الذى يمتد من طهران إلى بيروت ومعه صنعاء. الاعتبار الثانى انه المحور القادر على انجاز مصالحة عربية إسرائيلية شاملة لن يكون كثيرون قادرين على المزايدة عليها.
نجاح الهلال الإخوانى من اسطنبول إلى تونس كان سيعنى تغييرا استراتيجيا شاملا فى المنطقة بأكملها يشمل تغيير هويتها بالكامل إضافة إلى تهديد بنية ووجود الأنظمة الخليجية.
ظهرت حركة تمرد واقنعت ملايين المصريين بالخروج ضد الإخوان، وانضم إليهم الجيش لاحقا. خلعوا مرسى واسقطوا فى ثلاثة أيام فقط مشروعا إقليميا كبيرا حلم أصحابه به لعشرات السنين، وأنفقوا المليارات لإنجازه ثم تهاوى أمامهم وكأنه قصر من الرمال.
كل دول الخليج باستثناء قطر تنفست الصعداء ولسان حالها يقول حتى لو جاء نظام ناصرى قومى متطرف فى مصر فسوف يكون أرحم تماما من مشروع إخوانى «يسعى ان يبيع المياه فى حارة السقايين».
أغلب الظن ان بلدان الخليج ومعها الأردن كانت أكثر فهما وادراكا لأهمية 30 يونيو أكثر بكثير من غالبية بعض المصريين وكذلك تركيا وتونس وكل القوى الإخوانية فى المنطقة.
الذى حدث ان العمود الأساسى ــ والمقصود به نظام محمد مرسى ــ انكسر وبالتالى فإن المشروع بأكمله صار فى مهب الريح.
نعود إلى ما بدأنا به ونسأل: ماذا يعنى ان تلقى السعودية بكل ثقلها فى المسألة المصرية بهذه الطريقة؟!.
المعنى بسيط وهو ان الاثار الكارثية لحكم الإخوان لم تكن محلية فقط، وان السعودية المعروف عنها تاريخيا انها شديدة التحفظ والهدوء كسرت كل ما اشتهرت به دبلوماسيا،وألقت بكل ثقلها خلف اختيار غالبية الشعب المصرى بل وذهب وزير خارجيتها سعود الفيصل بعيدا رابطا بين العنف الذى طال أقسام الشرطة والكنائس والمنشآت وبين الإرهاب فى سيناء قائلا انهما «ينبعان من وعاء واحد».
عندما تقول السعودية انها لن تترك مصير مصر والمنطقة رهنا لحسابات وقراءات غريبة خاطئة، وانها ستعوض مصر عن أى مساعدات غربية يمكن ان تتوقف، فالمعنى الرئيسى ان التهديدات الأوروبية والأمريكية لمصر الجديدة سوف تقل كثيرا لكنها لن تتلاشى تماما بالطبع. والاهم انها ستعطى المصريين فرصة حقيقية ليكونوا أكثر صلابة فى مواجهة الضغوط الخارجية، هى أيضا مفيدة فى التأثير على كثير من قادة الحركة السلفية فى مصر بحكم العلاقة الوطيدة والتاريخية بين الرياض وهذه الحركة.
وأخيرا سؤال هامشى: ألم يدرك قادة الإخوان أخطاءهم الفادحة التى جعلت كل القوى المؤثرة فى المنطقة تنقلب عليهم بهذه الصورة؟!.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 1:28:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية