نكسة مرسي

أسامة سلامة
يا شعب يا واقف على باب النهار
قرَّبْت بصمودك طريق الانتصار
وزرعت من تانى الأمل فى كل دار
واتجمعت كل الأيادى
من كل بيت طلعت تنادى
على الطريق وتقول بلادى
بلادى بلادى أنا نار تحرق أعاديكى
بلادى بلادى أنا دمى نيل يرويكى
بلادى بلادى من غيرى اللى يفديكى
بلادى بلادى أستشهد فِدَا أراضيكى
بلادى بلادى وأموت وأنا أهتف بيكى
بلادى.. بلادى
هذه الأغنية التى غناها عبد الحليم حافظ وكتبها محسن الخياط ولحنها بليغ حمدى بعد نكسة يونيو منذ 46 عاما، تعبر عما حدث فى الأيام الماضية، ومثلما بدأ الشعب المقاومة فى يونيو 1967، وكان إصراره البداية لانتصار أكتوبر 1973، رفض الآن الاستسلام لـ(نكسة مرسى)، ورفع راية التمرد، من أجل استعادة ثورة يناير ممن سرقوها، وتمهيدا لتحقيق أهدافها (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية)، هذا الشعب الذى تصور العالم أنه لن تقوم له قائمة بعد هزيمة يونيو 67، فإذا به ينتفض وراء الزعيم عبد الناصر ويبدأ المقاومة بعدها بأيام قليلة، فى معركتَى رأس العش، وتدمير الباخرة إيلات، ويظل فى طريقه الباسل حتى يتحقق له النصر، يعود الآن من جديد ليثبت للعالم أنه شعب من طراز فريد، توقع كثيرون أن مصر وقعت فى جب الدولة الدينية، وأنها لن تخرج منه بعد تولى د.محمد مرسى الرئاسة فى يونيو 2012، وإصرار أهله وعشيرته على أخونة الدولة، ولكن المصريين بعد عام واحد استطاعوا أن يستعيدوا ثورتهم، وأن يتمردوا على العصابة التى تحكم، وأن يتولوا زمام أنفسهم، ولا يستسلمون لمن خانوهم.. إذن هو الشعب المعلم والملهم لكل الشعوب.
هل رأى العالم من قبل شعب يقوم بثورتين فى عامين ونصف العام؟
وهل شهد أحد شعب يثور على رئيسين فى 30 شهرا فقط؟ هذا أمر لم يحدث فى أى دولة أخرى فى العالم، ولم يتخيله أساتذة العلوم السياسية والاجتماعية فى أعرق الجامعات وأهم المراكز البحثية.
مَن يرى ما يحدث فى ميادين مصر فى كل المحافظات لا بد أن تصيبه الدهشة والإعجاب، كيف يمكن لمواطنين مسالمين أن يتحدّوا الإرهاب والرصاص وأن يحافظوا من جانبهم على سلمية ثورتهم؟ كيف تخرج كل هذه الملايين إلى الشوارع للتظاهر دون وقوع حوادث مماثلة لما يحدث فى تجمعات قليلة؟ كيف يبتسمون فى ذروة الغضب ويعبرون عن مطالبهم بالأهازيج والأغنيات والشعارات والنكات والفكاهات؟، ولأن الشعب واثق من انتصاره وتحقيق أهدافه فكانت كل مظاهرة احتفالا، وفى كل ميدان احتفالية، يدرك المتظاهرون أن أعداءهم قد يغدرون بهم، وأن حياتهم مهددة، ولكنهم فرحون وسعداء، وكأنهم يعرفون أن النصر قادم لا محالة، وأن إرادتهم ستتحقق ويستجيب القدر.
هم يعلمون أن أعداء الحياة لن يصمدوا أمام طوفان البشر الذى يحب الحياة، وأنهم سيهربون إلى مخابئهم، التى كانوا يعيشون فيها، وإلى الظلام الذى لا يطمئنون إلا فيه، أما النور فهو للأحرار فقط، نعم هناك شعوب كثيرة ثارت على حكامها الطغاة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يتسعيدوا ثوراتهم التى سرقت إلا بعد سنوات طويلة، ولهذا فإن المصريين أصبحوا نموذجا لكل العالم الحديث، وستتم تدريس ثورتهم فى معظم الجامعات باعتبارها حدثا فريدا، فهم أصحاب ثورة نجحت ثم انتكست، وظن الجميع أنها انتهت وماتت، فإذا بالمارد يعود، ويؤكد أنه لن يسكت مرة أخرى، وأعطى درسا لأى حاكم أن مَن يخون عهده معه فمصيره إلى زوال، وأن الثورة ستظل مستمرة حتى تحقق أهدافها مهما كان الثمن.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 1:03:00 م. يندرج تحت تصنيف , . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية