«تمرد» والحارة المزنوقة!

بقلم/ محمد مصطفي

بعيدًا عن نكتة «تجرد» التي أطلقها المتأسلمون للرد على «تمرد»، وما تؤكده التسمية، من أن هذا التيار فقير إبداعيًا، «حافظ مش فاهم»، ميتةٌ خلايا الابتكار في دماغه، إلى درجة أنه حين ابتغى، أن يرد على معارضيه، اقتفى خطواتهم!
وبعيدًا عن حالة الهستيريا، التي أصيبت بها جماعة الإخوان، منذ شرع المتمردون يتمردون.
وبعيدًا عن مهازل، التنكيل والترهيب والقمع، ضد الحملة، وما تشي به من أن «الأخوة» فقدوا صوابهم، فأخذوا يتخبطون يترنحون كالسكارى أو «المهلوسيين».
وبعيدًا عن العبثية التي دفعت بشبابهم -بالطبع بعد تلقيهم الأوامر- إلى أن  يهاجموا «المتمردين»، وعن التصريحات المتشنجة التي أخذت تنهال، وعلى رأسها تصريحات صبحي صالح، القيادي الإخواني «خفيف الظل أبوضحكة جنان» بأن «تمرد» بدعة، يحركها الحقد على نجاح الرئيس، من دون أن يكشف لنا، في تصريحه اللولبي الألمعي اللوذعي، شيئًا من نجاحات الرئيس المزعومة.
وبعيدًا عن التأويلات، بشأن استحقاقات حملة «تمرد» القانونية، وما سيتأسس عليها من نتائج، بما تشمله من احتمالات أن يصبح اسم الرئيس محمد مرسي، مسبوقًا بتعبير «المخلوع الثاني»، أو أن يصبح مسبوقًا بمفردة المتهم، أو بالرئيس فحسب، إلى أن يشاء الله، وهذا على أسوء الظروف، إلى أن تنتهي فترته الرئاسية.
بعيدًا عن هذا كله، يبقى الإقبال الشعبي الكبير على سحب الثقة، من الرئيس، يضرب عدة عصافير بحجر واحد، فعدد التوقيعات الكبير، يكشف من جهة عن أن الرئيس، يعاني انفصامًا عن الشارع، وانفصالاً عن مطالب الثورة، وعن أن معظم من اشتروا وهم مشروع النهضة، اكتشفوا أن «البضاعة مضروبة»، وأن التاجر خدعهم.
عودة مرسي إلى حجمه الطبيعي «الضئيل شعبويًا»، ليست عبارة متطاولة، على شخصه، ولا على مقام الرئاسة، وليست شتيمة، بل هي تُوّصف واقعًا، يبدو أنه في حاجة إلى أن يتذكره، ويتفكر فيه ويتدبره، ما استطاع إلى التفكير سبيلاً.
فالرئيس الذي نجح في الانتخابات «على الحركروك»، ضد مرشح ينتمي للمخلوع الأول، يظن فيما يظن، أنه قد أوتي شعبية الزعيم عبد الناصر -أعلم أن هذه عبارة مزعجة للجماعة- كما يظن أن مصر صارت مزرعة خرفان، يشرف على شؤونها الطبية «بحكم وظيفته بيطريًا» المرشد العام، وعلى حراستها، الشاطر «بحكم خبرته في الميليشيات»، ويورد لها الغذاء حسن مالك «بحكم أنه تاجر».
ظنون آثمة أثيمة، سولت لمكتب الإرشاد أن يتدخل في تعيينات الوزراء والمحافظين، فإذا بالحكومة تضم متحرشين جنسيًا، وعباقرة يتحدثون عن الملابس القطنية، وتنظيف الأثداء قبل إرضاع المواليد، وقريبًا عن «تقميع البامية»، وإذا بمحافظين يصرحون بأن مهامهم الأولى هي نشر الإسلام في محافظاتهم، ومن ورائهم قطعان من الدراويش تردد: إخوان.. تكبير!
هذه الممارسات «غيض من فيض»، فالنهم الإخواني، على ابتلاع مصر، وقذف المعارضة إلى البحر، قد بلغ مداه، والتغول والتوحش من أجل «الأخونة»، قد صار لا يخل بخارطة مصر السياسية فحسب، وإنما شمل النسيج الثقافي والاجتماعي، بما فيه من المفردات التي تشكل في مجموعها، هوية مصر.. هوية مصر التي يجب أن تكون خطًا أحمر، يقف أمامه كل نظام وأي نظام.
أهم مكتسبات «تمرد»، تكمن في أنها أسقطت أسطورة «الحارة المزنوقة»، وكشفت للرئيس أولاً، عن أنه قد «كثر شاكوه وقل شاكروه» ومن ثم أضاءت الإشارة الحمراء، وعلى الرئيس أن يكبح جماحه الذاتي، ونهم إخوانه، على اختطاف مصر، شاء أم أبى، وشاء مرشده أم أبى، وشاء شاطره أم أبى.. عليه أن لا يغامر بأن «يتجرد» أمام عواصف «التمرد»، فقد أصبحت عاتية، ولربما اقتلعته قريبًا!

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 3:07:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية