ثورة أهالينا

عمرو خفاجي
تنطلق من حين إلى آخر، دعاوى تحذر من موت الثورة أو وأدها، أو القضاء عليها، إلى آخر ذلك من الأفكار أو التقييمات، أو المحاذير، باعتبار أن هناك قطاعا كبيرا من سلطة هاربة ترغب فى القضاء على الثورة من أجل عودتها إلى مصالحها ومكتسباتها، التى ضاعت بفعل الثورة، ووجودها.
واتضح، وفقا لهذه الدعاوى، أن هناك الكثير من القطاعات والقوى تهم الآن للقضاء على الثورة، عبر أكثر من طريق، يأتى فى مقدمة هذه الطرق، عودة رجالات الأنظمة السابقة للمشهد من جديد، وتصدرهم لبعض المناصب، أو قيادتهم لموقع أو أكثر من مواقع الدولة.
الحقيقة، أن ترديد هذا الكلام، يعنى أن هذه البلاد لم تشهد ثورة، وأن من على أرضها ليسوا ثوارا، لأن الثورات لا تموت ولا تنطفئ، لمجرد صمتها بعض الوقت، أو تأخر تحقيق بعض أهدافها، أو حتى تبدو فى المشهد العام وكأنها تراجعت للخلف كثيرا، بل على العكس تماما، فإن كل ما يحدث يؤكد أن الثورة مستمرة.
وأنها تتفاعل تفاعلاتها الواجبة مع كل القوى والأفكار، خاصة قوى الماضى أو حتى القوى التى تستند على الماضى، وهذا تحديدا هو لب معركة الثورة، من أجل التحديث والتجديد الذى تبحث عنه البلاد، فلا توجد ثورة حقيقية تريد أن تعبر بأفكارها نحو المستقبل، دون أن تخوض طويلا معارك مع الأفكار التى ثارت عليها، ومواجهات مع أصحاب الأفكار والمصالح التى كانت سائدة قبل اندلاع الثورة.
من يعتقد أن ما قامت عليه الثورة (أفكار ومن يمثلها) سيندثر بين عشية وضحاها، فهو مخطئ، لأن ذلك لن يكون إلا بعد انتهاء كل الموجات الثورية مع تحقق الأهداف النهائية للثورة.
ويكون التغيير الجذرى قد حدث فعلا، وأيضا، من يعتقد أن الثورة تموت لخفوت صوتها، أو كمونها فى لحظة ما تعتقد أنها ليست لحظة صراع ثورية، فهو مخطئ أيضا، لأن أى ثورة تولد أولا فى عقول وروح طليعتها التى تشعلها، وما استقر ووقر فى عقل وروح ووجدان ثوار مصر، يعنى بوضوح أن الثورة مستمرة على كل ما قامت عليه، حتى لو كانت النتوءات والمنعطفات التى تواجهها هذه الثورة الآن، وكأنها انحرفت عن طريقها، أو تاهت بفعل فاعل.
مصر ستذهب إلى طريق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ولو بعد حين، لكن ستذهب، لأن الثورة صارت عقيدة لكثير من قطاعات هذا الشعب، وبالتالى، لن يتراجع أحد عن المضى فى هذا الطريق، الذى سيجدون فى نهايته أهدافهم التى ثاروا من أجلها، ولا يعتقد أحد أبدا، أن هناك من بين الثوار الحقيقيين، من سيلتفت أو سيرتبك، أو سيتورط فى صراعات من نوع (الإسلامية والعلمانية) أو (العسكرية والمدنية) أو (الإخوان والثوار والفلول)..

لأن غالبية أهالينا من الثوار، من العمال والفلاحين، أذكى بكثير مما يعتقد البعض، وأخلص وأوفى لفكرة الثورة من الذين يعتقدون انهم فقط الثورة والثوار.

الكاتب صوت الناس الاخبارية on 5:16:00 م. يندرج تحت تصنيف . يمكنك متابعة هذا الموضوع عبر RSS 2.0

المتابعون


hit counter

الأكثر قراءة

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - Designed by SimplexDesign تعريب و تطوير نيوز سبارو للخدمات الإعلامية